الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَقَالَ رَجُلٞ مُّؤۡمِنٞ مِّنۡ ءَالِ فِرۡعَوۡنَ يَكۡتُمُ إِيمَٰنَهُۥٓ أَتَقۡتُلُونَ رَجُلًا أَن يَقُولَ رَبِّيَ ٱللَّهُ وَقَدۡ جَآءَكُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِ مِن رَّبِّكُمۡۖ وَإِن يَكُ كَٰذِبٗا فَعَلَيۡهِ كَذِبُهُۥۖ وَإِن يَكُ صَادِقٗا يُصِبۡكُم بَعۡضُ ٱلَّذِي يَعِدُكُمۡۖ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي مَنۡ هُوَ مُسۡرِفٞ كَذَّابٞ} (28)

ثم قال تعالى : { وقال رجل مومن من آل فرعون يكتم إيمانه } .

قيل إنه رجل من بني عم فرعون ولكنه آمن بموسى{[59566]} وكتم إيمانه خوفا من فرعون . قاله السدي{[59567]} .

وقيل : بل كان الرجل ( إسرائيليا ، ولكنه ) كان يكتم إيمانه من آل فرعون خوفا على نفسه ، فيكون في الكلام تقديم وتأخير على هذا القول .

والتقدير : وقال رجل مؤمن يكتم إيمانه فرعون .

( فمن ) متعلقة ب( يكتم ) في موضع مفعول ثان ( ليكتم ) ، فهو في موضع نصب .

وعلى القول الأول{[59568]} ( من ) متعلقة بمحذوف في موضع رفع وهي صفة لرجل كما تقول : مررت برجل من بني تميم{[59569]} .

والتقدير في المحذوف – على القول الأول{[59570]} - : وقال رجل مؤمن منسوب إلى آل فرعون ، ونحو ذلك .

والأول هو اختيار الطبري لأن فرعون ، أصغى إلى قوله وقبل منه ، ولم يقل موسى وقال له : { ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد }[ 29 ] ، ولو كان إسرائيليا لعاجله بالعقوبة كما فعل ( في قتل ){[59571]} أبنائهم حين آمنوا بموسى{[59572]} .

وقوله : { أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله } أي : أتقتلون موسى من أجل قوله{[59573]} : الله ربي .

{ وقد جاءكم بالبينات من ربكم } أي : بالحجج الظاهرات على صحة ما يقول لكم من توحيد الله عز وجل وطاعته سبحانه وذلك{[59574]} : عصاه ويده .

ثم قال : { وإن يك كاذبا فعليه كذبه } أي : إن يك موسى{[59575]} كاذبا في قوله إن الله أرسله إليكم{[59576]} فإثم كذبه عليه .

{ وإن يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم } أي : وإن يك موسى صادقا في قوله أصابكم بعض الذي يعدكم من العقوبة – إن قتلتموه – فلا حاجة لكم{[59577]} إلى قتله فتزدادوا غضبا من ربكم على غضبه عليكم لكفركم{[59578]} .

و( بعض ) عند أبي عبيدة في موضع ( كل ) ، لأن كل ما واعدوا به كائن لا / بعضه{[59579]} .

وقيل : المعنى في : إنه قال لهم : إن ، أصابكم ما يعدكم وسى هلكتم فضلا عن الكل{[59580]} .

وهذا تأكيد لإلزام الحجة عليهم والتخويف ، لأن البعض إذا كان فيه هلاكهم فالكل أعظم ضررا ، وأشد هلاكا .

وقيل : معناه{[59581]} إن موسى{[59582]} توعدهم بعذاب الدنيا معجلا وعذاب الآخرة مؤخرا ، فقال لهم المؤمن : يصيبكم بعض الذي يعدكم أي : عذاب الدنيا معجلا .

ثم قال { إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب } أي : لا يوفق للحق من هو معتد إلى ما ليس له فعله ، كذاب ( فيما يقول ){[59583]} .

قال قتادة : المسرف هنا : المشرك ، أسرف على نفسه بالشرك{[59584]} .

وقال السدي : المسرف هنا : القتال بغير حق{[59585]} .


[59566]:(ح): بموسى صلى الله عليه وسلم.
[59567]:انظر: جامع البيان 24/38، والمحرر الوجيز 14/132، وجامع القرطبي 15/306، وتفسير ابن كثير 4/78.
[59568]:(ت): الثاني.
[59569]:انظر: الوجهين الاعرابين معا عند العكبري في التبيان 391.
[59570]:ساقط من (ت).
[59571]:(ت): يقتل.
[59572]:انظر: جامع البيان 24/38.
[59573]:(ح): قول.
[59574]:(ت): وذالك.
[59575]:ساقط من (ح).
[59576]:في طرة (ت).
[59577]:(ح): بكم.
[59578]:(ت): لكفركم عليكم.
[59579]:لم أقف عليه في مجاز أبي عبيدة 2/194، وانظره في جامع القرطبي 15/307.
[59580]:انظر: معاني الزجاج 4/372.
[59581]:(ح): إن معناه.
[59582]:(ح): موسى صلى الله عليه وسلم.
[59583]:(ح): بما يقال.
[59584]:انظر: جامع البيان 24/39، والمحرر الوجيز 14/134
[59585]:انظر: جامع البيان 24/39.