الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَٱلَّذِينَ يُحَآجُّونَ فِي ٱللَّهِ مِنۢ بَعۡدِ مَا ٱسۡتُجِيبَ لَهُۥ حُجَّتُهُمۡ دَاحِضَةٌ عِندَ رَبِّهِمۡ وَعَلَيۡهِمۡ غَضَبٞ وَلَهُمۡ عَذَابٞ شَدِيدٌ} (16)

قوله تعالى : { والذين يحاجون في الله } .

أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله : { والذين يُحَاجُّون في الله من بعد ما استجيب له } قال : هم أهل الكتاب ، كانوا يجادلون المسلمين ويصدونهم عن الهدى من بعد ما استجابوا لله . وقال : هم قوم من أهل الضلالة ، وكان استجيب على ضلالتهم ، وهم يتربصون بأن تأتيهم الجاهلية .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر ، عن مجاهد - رضي الله عنه - { والذين يحاجون في الله من بعد ما استجيب له } قال : طمع رجال بأن تعود الجاهلية .

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر ، عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله { والذين يحاجون في الله } الآية قال : هم اليهود والنصارى ، حاجوا المسلمين في ربهم ، فقالوا : أنزل كتابنا قبل كتابتكم ، ونبينا قبل نبيكم ، فنحن أولى بالله منكم ، فأنزل الله { من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب } [ آل عمران : 6 ] وأما قوله : { من بعد ما استجيب له } قال : من بعد ما استجاب المسلمون لله وصلوا لله .

وأخرج عبد بن حميد عن الحسن - رضي الله عنه - { والذين يحاجون في الله من بعد ما استجيب له } الآية قال : قال أهل الكتاب لأصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - نحن أولى بالله منكم ، فأنزل الله { والذين يحاجون في الله من بعد ما استجيب له حجتهم داحضة عند ربهم } يعني أهل الكتاب .

وأخرج ابن المنذر ، عن عكرمة - رضي الله عنه - قال : لما نزلت { إذا جاء نصر الله والفتح } [ النصر : 1 ] قال المشركون بمكة : لمن بين أظهرهم من المؤمنين ، قد دخل الناس في دين الله أفواجاً ، فاخرجوا من بين أظهرنا ، فعلام تقيمون بين أظهرنا ؟ فنزلت { والذين يحاجون في الله من بعد ما استجيب له } الآية .