الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَٱلَّذِينَ يُحَآجُّونَ فِي ٱللَّهِ مِنۢ بَعۡدِ مَا ٱسۡتُجِيبَ لَهُۥ حُجَّتُهُمۡ دَاحِضَةٌ عِندَ رَبِّهِمۡ وَعَلَيۡهِمۡ غَضَبٞ وَلَهُمۡ عَذَابٞ شَدِيدٌ} (16)

ثم قال تعالى : { والذين يحاجون في الله من بعدما استجيب له } أي : والذين يخاصمون في دين الله عز وجل الذي بعث به محمدا صلى الله عليه وسلم ، من بعد ما استجيب{[60794]} له الناس ودخلوا فيه .

{ حجتهم داحضة عند ربهم } أي : خصومتهم باطلة ذاهبة عند ربهم .

{ وعليهم غضب } من ربهم .

{ ولهم عذاب شديد } في الآخرة ، وهو{[60795]} عذاب النار .

وقيل المعنى : والذين يخاصمون الناس في دين الله ، من بعد ما استجيب للنبي . فتكون{[60796]} ( الهاء ) للنبي صلى الله عليه وسلم في هذا القول . وهي لله عز وجل في القول الأول .

ومعنى : استجيب له – في هذا القول – استجيب{[60797]} دعاؤه ، لأنه دعا على أهل بدر فاستجيب له ، ودعا على أهل مكة ومضر{[60798]} . بالقحط فاستجيب له ، ودعا للمستضعفين أن ينجيهم الله من قريش فاستجيب له في أشباه لهذا .

وقال مجاهد : هم قوم من الكفار خاصموا المؤمنين في وحدانية الله سبحانه من بعدما استجيب{[60799]} له المؤمنون{[60800]} .

وذكر الطبري أن هذه الآية ( نزلت في قوم من اليهود خاصموا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في دينهم وطمعوا أن يصدوهم عنه إلى الكفر ) ، وهو قول ابن عباس{[60801]} .

وقال قتادة : نزلت في اليهود والنصارى ، قالوا : ديننا قبل دينكم ، ونبينا قبل نبيكم ، ونحن خير منكم{[60802]} .


[60794]:كيف تسنى لإمامنا مكي رحمه الله التجمع بين الفعل المبني للمجهول والتصريح بالفاعل.
[60795]:في طرة (ت) و(ح) (وهم).
[60796]:(ح): فيكون.
[60797]:(ت): واستجيب.
[60798]:(ح): ومصر بصاد مهملة. مضر قبيلة من العدنانية (قال في العبر: وكانت مضر أهل الكثرة والغلب بالحجاز من سائر بني عدنان، وكانت لهم الرياسة بمكة والحرم) انظر نهاية الارب 422.
[60799]:كيف تسنى لإمامنا مكي رحمة الله التجمع بين الفعل المبني للمجهول والتصريح بالفاعل.
[60800]:انظر إعراب النحاس 4/77، وتفسير ابن كثير 4/111.
[60801]:انظر جامع البيان 25/12.
[60802]:انظر جامع البيان 25/13 وجامع القرطبي 16/14، وتفسير ابن كثير 4/111، ولباب النقول 192.