بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَٱلَّذِينَ يُحَآجُّونَ فِي ٱللَّهِ مِنۢ بَعۡدِ مَا ٱسۡتُجِيبَ لَهُۥ حُجَّتُهُمۡ دَاحِضَةٌ عِندَ رَبِّهِمۡ وَعَلَيۡهِمۡ غَضَبٞ وَلَهُمۡ عَذَابٞ شَدِيدٌ} (16)

قوله تعالى : { والذين يُحَاجُّونَ في الله } يعني : يخاصمون في توحيد الله ودين الله { مِن بَعْدِ مَا استجيب لَهُ } يعني : من بعد ما أجابوا إياه ، أي : بعد ما أجاب المؤمنون بتوحيد الله لنبيه . وقال مجاهد : طمع رجال بأن يعودوا إلى الجاهلية فنزل { والذين يُحَاجُّونَ في الله } إلى قوله : { حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ } وروى معمر عن قتادة قال : { والذين يحاجون في الله } ، يعني : في دينه قال : هم اليهود ، والنصارى . قالوا : كتابنا قبل كتابكم ، ونبينا قبل نبيكم ، ونحن خير منكم . فنزل { والذين يُحَاجُّونَ في الله } أي : في دين الله { مِن بَعْدِ مَا استجيب لَهُ } يعني : من بعد ما دخل الناس في الإسلام { حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ } يعني : خصومتهم باطلة . ويقال : احتجاجهم زائل ، ساقط . يقال دحض أي : زال ، ومعناه : ليس لهم حجة . وسمى قولهم حجة على وجه المجاز ، يعني : حجتهم كما قال : { فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتَهُمُ } يعني : الآلهة بزعمهم ، ولم يكونوا آلِهَة في الحقيقة { عِندَ رَبّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ } يعني : كما يكابرون عقولهم { وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ } بما كانوا يفعلون .