الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا قِيلَ لَكُمۡ تَفَسَّحُواْ فِي ٱلۡمَجَٰلِسِ فَٱفۡسَحُواْ يَفۡسَحِ ٱللَّهُ لَكُمۡۖ وَإِذَا قِيلَ ٱنشُزُواْ فَٱنشُزُواْ يَرۡفَعِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمۡ وَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ دَرَجَٰتٖۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرٞ} (11)

قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا } الآية .

أخرج عبد بن حميد عن الحسن أنه كان يقرأها «تفسحوا في المجالس بالألف فافسحوا يفسح الله لكم » ، وقال : في القتال{ وإذا قيل انشزوا فانشزوا } ، قال : إذا قيل : انهدوا إلى الصدر فانهدوا .

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله تعالى :{ يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس } قال : مجلس النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت { يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله لكم } .

وأخرج عبد بن حميد وعبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله :{ إذا قيل لكم تفسحوا } الآية قال : نزلت هذه الآية في مجالس الذكر ، وذلك أنهم كانوا إذا رأوا أحدهم مقبلاً ضنوا بمجالسهم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأمرهم الله أن يفسح بعضهم لبعض .

وأخرج ابن المنذر عن الحسن في الآية قال : كانوا يجيئون فيجلسون ركاماً بعضهم خلف بعض ، فأمروا أن يتفسحوا في المجلس فانفسح بعضهم لبعض .

وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان قال : أنزلت هذه الآية يوم جمعة ، وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ في الصفة ، وفي المكان ضيق ، وكان يكرم أهل بدر من المهاجرين والأنصار ، فجاء ناس من أهل بدر وقد سبقوا إلى المجلس ، فقاموا حيال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، فرد النبي صلى الله عليه وسلم عليهم ، ثم سلموا على القوم بعد ذلك فردوا عليهم ، فقاموا على أرجلهم ينتظرون أن يوسع لهم ، فعرف النبي صلى الله عليه وسلم ما يحملهم على القيام فلم يفسح لهم ، فشق ذلك عليه ، فقال لمن حوله من المهاجرين والأنصار من غير أهل بدر : قم يا فلان ، وأنت يا فلان ، فلم يزل يقيمهم بعدة النفر الذين هم قيام من أهل بدر ، فشق ذلك على من أقيم من مجلسه ، فنزلت هذه الآية .

وأخرج البخاري ومسلم عن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه فيجلس فيه ، ولكن تفسحوا وتوسعوا » .

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : { إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس } قال : ذلك في مجلس القتال{ وإذا قيل انشزوا } قال : إلى الخير والصلاة .

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله : { وإذا قيل انشزوا } قال : إلى كل خير قتال عدوّ وأمر بمعروف أو حق ما كان .

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة في قوله :{ وإذا قيل انشزوا فانشزوا } يقول : إذا دعيتم إلى خير فأجيبوا .

وأخرج ابن المنذر والحاكم وصححه والبيهقي في المدخل عن ابن عباس في قوله :{ يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات } قال : يرفع الله الذين أوتوا العلم من المؤمنين على الذين لم يؤتوا العلم درجات .

وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس أنه قال : تفسير هذه الآية : يرفع الله الذين آمنوا منكم وأوتوا العلم على الذين آمنوا ولم يؤتوا العلم درجات .

وأخرج ابن المنذر عن ابن مسعود قال : ما خص الله العلماء في شيء من القرآن ما خصهم في هذه الآية ، فضل الله الذين آمنوا وأوتوا العلم على الذين آمنوا ولم يؤتوا العلم .