الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{ثُمَّ لَأٓتِيَنَّهُم مِّنۢ بَيۡنِ أَيۡدِيهِمۡ وَمِنۡ خَلۡفِهِمۡ وَعَنۡ أَيۡمَٰنِهِمۡ وَعَن شَمَآئِلِهِمۡۖ وَلَا تَجِدُ أَكۡثَرَهُمۡ شَٰكِرِينَ} (17)

أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس { ثم لآتينهم من بين أيديهم } قال : أشككهم في آخرتهم { ومن خلفهم } فأرغبهم في دنياهم { وعن أيمانهم } أشبه عليهم أمر دينهم { وعن شمائلهم } استن لهم المعاصي وأخف عليهم الباطل { ولا تجد أكثرهم شاكرين } قال : موحدين .

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس { ثم لآتينهم من بين أيديهم } من قبل الدنيا { ومن خلفهم } من قبل الآخرة { وعن أيمانهم } من قبل حسناتهم { وعن شمائلهم } من قبل سيئاتهم .

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله { ثم لآتينَّهم من بين أيديهم } قال لهم : أن لا بعث ولا جنة ولا نار ومن خلفهم من أمر الدنيا فزينها لهم ودعاهم إليها { وعن أيمانهم } من قبل حسناتهم أبطأهم عنها { وعن شمائلهم } زين لهم السيئات والمعاصي ودعاهم إليها وأمرهم بها ، أتاك يا ابن آدم من قبل وجهك غير أنه لم يأتك من فوقك ، لا يستطيع أن يكون بينك وبين رحمة الله .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير واللالكائي في السنة عن ابن عباس في الآية قال : لم يستطع أن يقول : من فوقهم . علم أن الله فوقهم . وفي لفظ : لأن الرحمة تنزل من فوقهم .

وأخرج أبو الشيخ عن عكرمة قال : يأتيك يا ابن آدم من كل جهة غير أنه لا يستطيع أن يحول بينك وبين رحمة الله ، إنما تأتيك الرحمة من فوقك .

وأخرج ابن أبي حاتم عن الشعبي قال : قال إبليس : لآتينَّهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن إيمانهم وعن شمائلهم . قال الله : أنزل عليهم الرحمة من فوقهم .

وأخرج أبو الشيخ عن أبي صالح في قوله { ثم لآتينهم من بين أيديهم } من سبل الحق { ومن خلفهم } من سبل الباطل { وعن أيمانهم } من أمر الآخرة { وعن شمائلهم } من الدنيا .

وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة وابن حبان والحاكم عن ابن عمر قال : لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو هذه الدعوات حين يصبح وحين يمسي « اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي ، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي » .