فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَلَئِنۡ أَخَّرۡنَا عَنۡهُمُ ٱلۡعَذَابَ إِلَىٰٓ أُمَّةٖ مَّعۡدُودَةٖ لَّيَقُولُنَّ مَا يَحۡبِسُهُۥٓۗ أَلَا يَوۡمَ يَأۡتِيهِمۡ لَيۡسَ مَصۡرُوفًا عَنۡهُمۡ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِۦ يَسۡتَهۡزِءُونَ} (8)

{ وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُم العذاب } أي : الذي تقدّم ذكره في قوله : { عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ } وقيل : عذاب يوم القيامة وما بعده ، وقيل يوم بدر { إلى أُمَّةٍ معْدُودَةٍ } أي : إلى طائفة من الأيام قليلة ؛ لأن ما يحصره العدّ قليل ، والأمة اشتقاقها من الأم : وهو القصد ، وأراد بها الوقت المقصود لإيقاع العذاب . وقيل : هي في الأصل الجماعة من الناس ، وقد يسمى الحين باسم ما يحصل فيه ، كقولك : كنت عند فلان صلاة العصر : أي في ذلك الحين ، فالمراد على هذا : إلى حين تنقضي أمة معدودة من الناس { لَّيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ } أي أيّ شيء يمنعه من النزول استعجالا له على جهة الاستهزاء والتكذيب ، فأجابهم الله بقوله : { ألا يوم يأتيهم ليس مصروفا عنهم } أي : ليس محبوساً عنهم ، بل واقع بهم لا محالة ، ويوم منصوب بمصروفاً { وَحَاقَ بِهِم مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءونَ } أي : أحاط بهم العذاب الذي كانوا يستعجلونه استهزاء منهم ، ووضع يستهزءون مكان يستعجلون ، لأن استعجالهم كان استهزاء منهم ، وعبر بلفظ الماضي تنبيهاً على تحقق وقوعه ، فكأنه قد حاق بهم .

/خ8