فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{أَلَآ إِنَّهُمۡ هُمُ ٱلۡمُفۡسِدُونَ وَلَٰكِن لَّا يَشۡعُرُونَ} (12)

فردّ الله عليهم ذلك أبلغ ردّ ؛ لما يفيده حرف التنبيه من تحقق ما بعده ، ولما في إن من التأكيد ، وما في تعريف الخبر مع توسيط ضمير الفصل من الحصر المبالغ فيه بالجمع بين أمرين من الأمور المفيدة له ، وردّهم إلى صفة الفساد التي هم متصفون بها في الحقيقة ردّاً مؤكداً مبالغاً فيه بزيادة على ما تضمنته دعواهم الكاذبة من مجرد الحصر المستفاد من { إنما } . وأما نفي الشعور عنهم فيحتمل أنهم لما كانوا يظهرون الصلاح مع علمهم أنهم على الفساد الخالص ، ظنوا أن ذلك ينفق على النبي صلى الله عليه وسلم ، وينكتم عنه بطلان ما أضمروه ، ولم يشعروا بأنه عالم به ، وأن الخبر يأتيه بذلك من السماء ، فكان نفي الشعور عنهم من هذه الحيثية لا من جهة أنهم لا يشعرون بأنهم على الفساد . ويحتمل أن فسادهم كان عندهم صلاحاً لما استقرّ في عقولهم من محبة الكفر وعداوة الإسلام .

/خ12