الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{أَلَآ إِنَّهُمۡ هُمُ ٱلۡمُفۡسِدُونَ وَلَٰكِن لَّا يَشۡعُرُونَ} (12)

و { ألآ } مركبة من همزة الاستفهام وحرف النفي ، لإعطاء معنى التنبيه على تحقق ما بعدها ، والاستفهام إذا دخل على النفي أفاد تحقيقاً كقوله : { أَلَيْسَ ذَلِكَ بقادر } [ القيامة : 40 ] ؟ ولكونها في هذا المنصب من التحقيق ، لا تكاد تقع الجملة بعدها إلا مصدّرة بنحو ما يتلقى به القسم . وأختها التي هي «أما » من مقدّمات اليمين وطلائعها :

أَمَا والَّذِي لا يَعْلَمُ الغَيْبَ غيْرُهُ *** أَمَا والَّذِي أَبْكَى وأَضحَكَ

ردّ الله ما ادعوه من الانتظام في جملة المصلحين أبلغ ردّ وأدله على سخط عظيم ، والمبالغة فيه من جهة الاستئناف وما في كلتا الكلمتين ألا . وإن من التأكيدين وتعريف الخبر وتوسيط الفصل . وقوله : { لاَّ يَشْعُرُونَ } أتوهم في النصيحة من وجهين : أحدهما تقبيح ما كانوا عليه لبعده من الصواب وجرّه إلى الفساد والفتنة . والثاني : تبصيرهم الطريق الأسد من أتباع ذوي الأحلام ، ودخولهم في عدادهم ؛ فكان من جوابهم أن سفهوهم لفرط سفههم ، وجهلوهم لتمادي جهلهم . وفي ذلك تسلية للعالم مما يلقى من الجهلة .