فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{أَوَلَمۡ يَكُن لَّهُمۡ ءَايَةً أَن يَعۡلَمَهُۥ عُلَمَـٰٓؤُاْ بَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ} (197)

{ أَوَلَمْ يَكُن لَّهُمْ ءَايَةً أَن يَعْلَمَهُ عُلَمَاء بَنِي إسراءيل } الهمزة للإنكار ، والواو للعطف على مقدّر كما تقدّم مراراً ، والآية العلامة والدلالة : أي ألم يكن لهؤلاء علامة دالة على أن القرآن حق ، وأنه تنزيل ربّ العالمين . وأنه في زبر الأوّلين ، { أن يعلمه علماء بني إسرائيل } على العموم ، أو من آمن منهم كعبد الله بن سلام ، وإنما صارت شهادة أهل الكتاب حجة على المشركين ؛ لأنهم كانوا يرجعون إليهم ويصدّقونهم . قرأ ابن عامر { تكن } بالفوقية ، { وآية } بالرفع على أنها اسم كان ، وخبرها أن يعلمه إلخ ، ويجوز أن تكون تامة ، وقرأ الباقون : { يكن } بالتحتية ، و { آية } بالنصب على أنها خبر { يكن } ، واسمها { أن يعلمه } الخ ، قال الزجاج : { أن يعلمه } اسم { يكن } ، و { آية } خبره .

والمعنى : أو لم يكن لهم علم علماء بني إسرائيل أن محمداً نبيّ حقّ علامة ودلالة على نبوّته ؛ لأن العلماء الذين آمنوا من بني إسرائيل كانوا يخبرون بوجود ذكره في كتبهم ، وكذا قال الفراء ، ووجها قراءة الرفع بما ذكرنا . وفي قراءة ابن عامر نظر ، لأن جعل النكرة اسماً ، والمعرفة خبراً غير سائغ ، وإن ورد شاذاً في مثل قول الشاعر :

* فلا يك موقف منك الوداعا *

وقول الآخر :

* وكان مزاجها عسل وماء *

ولا وجه لما قيل : إن النكرة قد تخصصت بقولهم : { لَهُمْ } لأنه في محل نصب على الحال والحال صفة في المعنى ؛ فأحسن ما يقال في التوجيه : ما قدّمنا ذكره من أن { يكن } تامة .

/خ227