فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{۞فَلَمَّا قَضَىٰ مُوسَى ٱلۡأَجَلَ وَسَارَ بِأَهۡلِهِۦٓ ءَانَسَ مِن جَانِبِ ٱلطُّورِ نَارٗاۖ قَالَ لِأَهۡلِهِ ٱمۡكُثُوٓاْ إِنِّيٓ ءَانَسۡتُ نَارٗا لَّعَلِّيٓ ءَاتِيكُم مِّنۡهَا بِخَبَرٍ أَوۡ جَذۡوَةٖ مِّنَ ٱلنَّارِ لَعَلَّكُمۡ تَصۡطَلُونَ} (29)

{ فَلَمَّا قضى مُوسَى الأجل } هو أكملهما وأوفاهما ، وهو العشرة الأعوام ، كما سيأتي آخر البحث ، والفاء فصيحة { وَسَارَ بِأَهْلِهِ } إلى مصر ، وفيه دليل على أن الرجل يذهب بأهله حيث شاء { آنَسَ مِن جَانِبِ الطور نَاراً } أي أبصر من الجهة التي تلي الطور ناراً ، وقد تقدّم تفسير هذا في سورة طه مستوفًى .

{ قَالَ لأَهْلِهِ امكثوا إِنّي ءَانَسْتُ نَاراً لَّعَلِي ءَاتِيكُمْ مّنْهَا بِخَبَرٍ } وهذا تقدّم تفسيره أيضاً في سورة طه ، وفي سورة النمل . { أَوْ جَذْوَةٍ } قرأ الجمهور بكسر الجيم ، وقرأ حمزة ويحيى بن وثاب بضمها ، وقرأ عاصم ، والسلمي ، وذرّ بن حبيش بفتحها . قال الجوهري : الجِذوة والجُذوة والجَذوة : الجمرة ، والجمع جِذًا وجُذا وجَذًا . قال مجاهد : في الآية أن الجذوة قطعة من الجمر في لغة جميع العرب . وقال أبو عبيدة : هي القطعة الغليظة من الخشب كأن في طرفها ناراً ، ولم يكن ، ومما يؤيد أن الجذوة الجمرة قول السلمي :

وبدلت بعد المسك والبان شقوة *** دخان الجذا في رأس أشمط شاحب

{ لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ } أي تستدفئون بالنار .

/خ32