{ فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الموت } أي حكمنا عليه به ، وألزمناه إياه { مَا دَلَّهُمْ على مَوْتِهِ إِلاَّ دَابَّةُ الأَرْضِ } يعني الأرضة . وقرىء . ( الأرض ) بفتح الراء ، أي الأكل ، يقال : أرضت الخشبة أرضاً : إذا أكلتها الأرضة . ومعنى { تأكل منسأته } تأكل عصاه التي كان متكئاً عليها ، والمنسأة : العصا بلغة الحبشة ، أو هي مأخوذة من نسأت الغنم ، أي : زجرتها . قال الزجاج : المنسأة التي ينسأ بها : أي يطرد . قرأ الجمهور { منسأته } بهمزة مفتوحة . وقرأ ابن ذكوان بهمزة ساكنة . وقرأ نافع ، وأبو عمرو بألف محضة . قال المبرد : بعض العرب يبدل من همزتها ألفاً ، وأنشد :
إذا دببت على المنسأة من كبر *** فقد تباعد عنك اللهو والغزل
ومثل قراءة الجمهور قول الشاعر :
ضربنا بمنسأة وجهه *** فصار بذاك مهيناً ذليلا
أمن أجل حبل لا أباك ضربته *** بمنسأة قد جرّ حبلك أحبلا
ومما يدلّ على قراءة ابن ذكوان قول طرفة :
أمون كألواح الأران نسأتها *** على لاحب كأنه ظهر برجد
{ فَلَمَّا خَرَّ } أي سقط { تَبَيَّنَتِ الجن } أي ظهر لهم ، من تبينت الشيء : إذا علمته ، أي علمت الجن { أَن لَّوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ الغيب مَا لَبِثُواْ في العذاب المهين } أي لو صح ما يزعمونه من أنهم يعلمون الغيب لعلموا بموته ، ولم يلبثوا بعد موته مدة طويلة في العذاب المهين في العمل الذي أمرهم به ، والطاعة له ، وهو إذ ذاك ميت . قال مقاتل : العذاب المهين : الشقاء والنصب في العمل . قال الواحدي : قال المفسرون : كانت الناس في زمان سليمان يقولون : إن الجنّ تعلم الغيب ، فلما مكث سليمان قائماً على عصاه حولاً ميتاً ، والجنّ تعمل تلك الأعمال الشاقة التي كانت تعمل في حياة سليمان لا يشعرون بموته حتى أكلت الأرضة عصاه ، فخرّ ميتاً ، فعلموا بموته ، وعلم الناس : أن الجنّ لا تعلم الغيب ، ويجوز : أن يكون تبينت الجنّ من تبين الشيء ، لا من تبينت الشيء ، أي : ظهر ، وتجلى ، وأن وما في حيزها بدل اشتمال من الجنّ مع تقدير محذوف ، أي : ظهر أمر الجن للناس أنهم لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين ، أو ظهر أن الجنّ لو كانوا يعلمون الغيب إلخ .
قرأ الجمهور : { تبينت } على البناء للفاعل مسنداً إلى الجنّ . وقرأ ابن عباس ويعقوب : { تبينت } على البناء للمفعول ، ومعنى القراءتين يعرف مما قدّمنا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.