فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{أَفَمَنۡ حَقَّ عَلَيۡهِ كَلِمَةُ ٱلۡعَذَابِ أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي ٱلنَّارِ} (19)

ثم ذكر سبحانه من سبقت له الشقاوة وحرم السعادة فقال : { أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ العذاب } من هذه يحتمل أن تكون موصولة في محل رفع بالابتداء ، وخبرها محذوف ، أي : كمن يخاف ، أو فأنت تخلصه ، أو تتأسف عليه ، ويحتمل أن تكون شرطية ، وجوابه { أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي النار } فالفاء فاء الجواب دخلت على جملة الجزاء ، وأعيدت الهمزة الإنكارية لتأكيد معنى الإنكار . وقال سيبويه : إنه كرّر الاستفهام لطول الكلام . وقال الفراء : المعنى أفأنت تنقذ من حقّت عليه كلمة العذاب ، والمراد بكلمة العذاب هنا هي قوله تعالى لإبليس :{ لأَمْلاَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ } [ ص : 85 ] ، وقوله : { لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأَمْلانَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ } [ الأعراف : 18 ] ومعنى الآية : التسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، لأنه كان حريصاً على إيمان قومه ، فأعلمه الله أن من سبق عليه القضاء ، حقت عليه كلمة الله لا يقدر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينقذه من النار بأن يجعله مؤمناً . قال عطاء : يريد أبا لهب وولده ، ومن تخلف من عشيرة النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان ، وفي الآية تنزيل لمن يستحقّ العذاب بمن قد صار فيه ، وتنزيل دعائه إلى الإيمان منزلة الإخراج له من عذاب النار .

/خ20