فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَلَمَّا جَآءَ عِيسَىٰ بِٱلۡبَيِّنَٰتِ قَالَ قَدۡ جِئۡتُكُم بِٱلۡحِكۡمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُم بَعۡضَ ٱلَّذِي تَخۡتَلِفُونَ فِيهِۖ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ} (63)

{ وَلَمَّا جَاء عيسى بالبينات } أي جاء إلى بني إسرائيل بالمعجزات الواضحة والشرائع . قال قتادة : البينات هنا الإنجيل { قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بالحكمة } أي النبوّة ، وقيل : الإنجيل ، وقيل : ما يرغب في الجميل ويكفّ عن القبيح { وَلأبَيّنَ لَكُم بَعْضَ الذي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ } من أحكام التوراة . وقال قتادة : يعني اختلاف الفرق الذين تحزّبوا في أمر عيسى . قال الزجاج : الذي جاء به عيسى في الإنجيل إنما هو بعض الذي اختلفوا فيه ، فبين لهم في غير الإنجيل ما احتاجوا إليه . وقيل : إن بني إسرائيل اختلفوا بعد موت موسى في أشياء من أمر دينهم . وقال أبو عبيدة : إن البعض هنا بمعنى الكلّ كما في قوله : { يُصِبْكُمْ بَعْضُ الذي يَعِدُكُمْ } [ غافر : 28 ] وقال مقاتل : هو كقوله : { وَلأِحِلَّ لَكُم بَعْضَ الذي حُرّمَ عَلَيْكُمْ } [ آل عمران : 50 ] يعني : ما أحلّ في الإنجيل مما كان محرّماً في التوراة كلحم الإبل والشحم من كل حيوان ، وصيد السمك يوم السبت واللام في { وَلأبَيّنَ لَكُم } معطوفة على مقدّر كأنه قال : قد جئتكم بالحكمة لأعلمكم إياها ولأبين لكم . ثم أمرهم بالتقوى والطاعة فقال : { فاتقوا الله } أي اتقوا معاصيه { وَأَطِيعُونِ } فيما آمركم به من التوحيد والشرائع .

/خ73