فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَلَمَّا جَآءَ عِيسَىٰ بِٱلۡبَيِّنَٰتِ قَالَ قَدۡ جِئۡتُكُم بِٱلۡحِكۡمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُم بَعۡضَ ٱلَّذِي تَخۡتَلِفُونَ فِيهِۖ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ} (63)

{ وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى } إلى بني إسرائيل { بِالْبَيِّنَاتِ } أي بالمعجزات الواضحة ، والشرائع النيرة ، قال قتادة البينات ههنا الإنجيل { قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ } أي النبوة وقيل : الإنجيل ، وقيل ما يرغب في الجميل ويكف عن القبيح .

{ وَ } جئتكم { لِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ } من أحكام التوراة ، ولم يترك العاطف ليتعلق بما قبله ليؤذن بالاهتمام بالعلة حتى جعلت كأنها كلام برأسه والبعض هو أمر الدين قال قتادة يعني اختلاف الفرق الذين تحزبوا في أمر عيسى ، قال الزجاج : الذي جاء به عيسى في الإنجيل إنما هو بعض الذي اختلفوا فيه فبين لهم في غير الإنجيل ما احتاجوا إليه .

وقيل : إن بني إسرائيل اختلفوا بعد موت موسى في أشياء من أمر دينكم وقال أبو عبيدة أن بعض هنا بمعنى كل كما في قوله { يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ } وقال مقاتل هو كقوله { وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ } يعني ما أحل في الإنجيل مما كان محرما في التوراة كلحم الإبل والشحم من كل حيوان وصيد السمك يوم السبت ثم أمرهم بالتقوى والطاعة فقال :

{ فَاتَّقُوا اللَّهَ } أي اتقوا معاصيه { وَأَطِيعُونِ } فيما آمركم به من التوحيد والشرائع وأبلغه عنه