فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{فَبِمَا نَقۡضِهِم مِّيثَٰقَهُمۡ لَعَنَّـٰهُمۡ وَجَعَلۡنَا قُلُوبَهُمۡ قَٰسِيَةٗۖ يُحَرِّفُونَ ٱلۡكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِۦ وَنَسُواْ حَظّٗا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِۦۚ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىٰ خَآئِنَةٖ مِّنۡهُمۡ إِلَّا قَلِيلٗا مِّنۡهُمۡۖ فَٱعۡفُ عَنۡهُمۡ وَٱصۡفَحۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُحۡسِنِينَ} (13)

قوله : { فَبِمَا نَقْضِهِم ميثاقهم } الباء سببية وما زائدة ، أي : فبسبب نقضهم ميثاقهم : { لعناهم } أي : طردناهم وأبعدناهم { وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً } أي : صلبة لا تعي خيراً ولا تعقله . وقرأ حمزة والكسائي «قسِّية » بتشديد الياء من غير ألف ، وهي قراءة ابن مسعود والنخعي ويحيى بن وثاب ؛ يقال درهم قسىّ مخفف السين مشدّد الياء : أي زائف ، ذكر ذلك أبو عبيد .

وقال الأصمعي وأبو عبيدة : درهم قسىّ كأنه معرب قاس . وقرأ الأعمش «قسية » بتخفيف الياء وقرأ الباقون : { قَاسِيَةً } { يُحَرّفُونَ الكلم عَن مواضعه } الجملة مستأنفة لبيان حالهم أو حالية : أي : يبدّلونه بغيره أو يتأولونه على غير تأويله . وقرأ السلمي والنخعي «الكلام » . قوله : { وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ على خَائِنَةٍ مّنْهُمْ } أي : لا تزال يا محمد تقف على خائنة منهم ، والخائنة : الخيانة ؛ وقيل هو نعت لمحذوف ، والتقدير فرقة خائنة ، وقد تقع للمبالغة نحو علاّمة ونسّابة إذا أردت المبالغة في وصفه بالخيانة ؛ وقيل خائنة معصية . قوله : { إِلاَّ قَلِيلاً مّنْهُمُ } استثناء من الضمير في { منهم } { فاعف عَنْهُمْ واصفح } قيل : هذا منسوخ بآية السيف ؛ وقيل : خاص بالمعاهدين .

/خ14