فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَلَوۡ أَنَّهُمۡ أَقَامُواْ ٱلتَّوۡرَىٰةَ وَٱلۡإِنجِيلَ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيۡهِم مِّن رَّبِّهِمۡ لَأَكَلُواْ مِن فَوۡقِهِمۡ وَمِن تَحۡتِ أَرۡجُلِهِمۚ مِّنۡهُمۡ أُمَّةٞ مُّقۡتَصِدَةٞۖ وَكَثِيرٞ مِّنۡهُمۡ سَآءَ مَا يَعۡمَلُونَ} (66)

{ وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التوراة والإنجيل } أي أقاموا ما فيهما من الأحكام التي من جملتها الإيمان بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم . قوله : { وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِمْ مّن رَّبّهِمْ } من سائر كتب الله التي من جملتها القرآن ، فإنها كلها وإن نزلت على غيرهم ، فهي في حكم المنزلة عليهم لكونهم متعبدين بما فيها { لأكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم } ذكر فوق وتحت للمبالغة في تيسر أسباب الرزق لهم وكثرتها ، وتعدد أنواعها . قوله : { منْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَة } جواب سؤال مقدّر ، كأنه قيل : هل جميعهم متصفون بالأوصاف السابقة ، أو البعض منهم دون البعض ، والمقتصدون منهم هم : المؤمنون كعبد الله بن سلام ، ومن تبعه ، وطائفة من النصارى { وَكَثِير منْهُمْ سَاء مَا يَعْمَلُونَ } وهم المصرّون على الكفر المتمرّدون عن إجابة محمد صلى الله عليه وسلم والإيمان بما جاء به .

/خ66