فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَإِذَا سَمِعُواْ مَآ أُنزِلَ إِلَى ٱلرَّسُولِ تَرَىٰٓ أَعۡيُنَهُمۡ تَفِيضُ مِنَ ٱلدَّمۡعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ ٱلۡحَقِّۖ يَقُولُونَ رَبَّنَآ ءَامَنَّا فَٱكۡتُبۡنَا مَعَ ٱلشَّـٰهِدِينَ} (83)

{ تَفِيضُ مِنَ الدمع } أي : تمتلئ فتفيض ، لأن الفيض لا يكون إلا بعد الامتلاء ، جعل الأعين تفيض ، والفائض : إنما هو الدمع قصداً للمبالغة كقولهم دمعت عينه . قال امرؤ القيس :

ففاضت دموع العين مني صبابة *** على النحر حتى بلّ دمعي محملي

قوله : { مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الحق } من الأولى لابتداء الغاية ، والثانية بيانية ، أي كان ابتداء الفيض ناشئاً من معرفة الحق ، ويجوز أن تكون الثانية تبعيضية ، وقرئ : «تَرَى أَعْيُنَهُم » على البناء للمجهول . وقوله : { يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا } استئناف مسوق لجواب سؤال مقدّر ، كأنه قيل : فما حالهم عند سماع القرآن ؟ فقال : { يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فاكتبنا مَعَ الشاهدين } أي آمنا بهذا الكتاب النازل من عندك على محمد وبمن أنزلته عليه { فاكتبنا مع الشاهدين } على الناس يوم القيامة ، من أمة محمد أو مع الشاهدين بأنه حق ، أو مع الشاهدين بصدق محمد وأنه رسولك إلى الناس .

/خ86