قوله : { لَتَجِدَنَّ إلخ } هذه جملة مستأنفة مقررة لما فيها من تعداد مساوئ اليهود وهناتهم ، ودخول لام القسم عليها يزيدها تأكيداً وتقريراً ، والخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو لكل من يصلح له كما في غير هذا الموضع من الكتاب العزيز . والمعنى في الآية : أن اليهود والمشركين لعنهم الله أشدّ جميع الناس عداوة للمؤمنين وأصلبهم في ذلك . وأن النصارى أقرب الناس مودّة للمؤمنين ، واللام في { لِلَّذِينَ آمَنُواْ } في الموضعين متعلقة بمحذوف وقع صفة لعداوة ومودّة ، وقيل هو متعلق بعداوة ومودة ؛ والإشارة بقوله : { ذلك } إلى كونهم أقرب مودّة ، والباء في { بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسّيسِينَ } للسببية : أي ذلك بسبب أن منهم قسيسين ، وهو جمع قسّ وقسيس قاله قطرب . والقسيس : العالم ، وأصله من قسّ : إذا تتبع الشيء وطلبه . قال الراجز :
يصبحن عن قسّ الأذى غوافلا *** . . .
وتقسست أصواتهم بالليل تسمعتها والقسّ : النميمة . والقسّ أيضاً : رئيس النصارى في الدين والعلم ، وجمعه قسوس أيضاً ، وكذلك القسيس : مثل الشرّ والشرّير ، ويقال في جمع قسيس تكسيراً قساوسة بإبدال إحدى السينين واواً ، والأصل قساسة ، فالمراد بالقسيسين في الآية : المتبعون للعلماء والعباد ، وهو إما عجميّ خلطته العرب بكلامها ، أو عربيّ ، والرهبان : جمع راهب كركبان وراكب ، والفعل رهب الله يرهبه : أي خافه . والرهبانية والترهب : التعبد في الصوامع . قال أبو عبيد : وقد يكون رهبان للواحد والجمع . قال الفراء : ويجمع رهبان إذا كان للمفرد رهبان ورهابين كقربان وقرابين . وقد قال جرير في الجمع :
رهبان مدين لو رأوك ترهبوا *** . . .
وقال الشاعر في استعمال رهبان مفرداً :
لو أبصرت رهبان دير في الجبل *** لانحدر الرهبان يسعى ونزل
ثم وصفهم الله سبحانه بأنهم لا يستكبرون عن قول الحق ، بل هم متواضعون ، بخلاف اليهود فإنهم على ضدّ ذلك ، وهذه الجملة معطوفة على الجملة التي قبلها { وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرسول } معطوف على جملة { وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.