فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَأَصۡحَٰبُ ٱلۡمَشۡـَٔمَةِ مَآ أَصۡحَٰبُ ٱلۡمَشۡـَٔمَةِ} (9)

والكلام في { أصحاب المشئمة مَا أصحاب المشئمة } كالكلام في أصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة ، والمراد : الذي يؤخذ بهم ذات الشمال إلى النار ، أو يأخذون صحائف أعمالهم بشمالهم ، والمراد : تعجيب السامع من حال الفريقين في الفخامة والفظاعة ، كأنه قيل : فأصحاب الميمنة في نهاية السعادة وحسن الحال ، وأصحاب المشأمة في نهاية الشقاوة وسوء الحال . وقال السديّ : أصحاب الميمنة : هم الذين كانوا عن يمين آدم حين أخرجت الذرية من صلبه ، وأصحاب المشأمة : هم الذين كانوا عن شماله . وقال زيد بن أسلم : أصحاب الميمنة : هم الذين أخذوا من شق آدم الأيمن ، وأصحاب المشأمة هم الذين أخذوا من شقه الأيسر . وقال ابن جريج : أصحاب الميمنة : هم أهل الحسنات ، وأصحاب المشأمة : هم أهل السيئات . وقال الحسن والربيع : أصحاب الميمنة هم الميامين على أنفسهم بالأعمال الصالحة ، وأصحاب المشأمة هم المشائيم على أنفسهم بالأعمال القبيحة . وقال المبرد : أصحاب الميمنة : أصحاب التقدّم ، وأصحاب المشأمة : أصحاب التأخر ، والعرب تقول : اجعلني في يمينك ولا تجعلني في شمالك : أي اجعلني من المتقدّمين ، ولا تجعلني من المتأخرين ، ومنه قول ابن الدمينة :

أبنيتي أفي يمنى يديك جعلتني *** فأفرح أم صيرتني في شمالك

/خ26