الاستفهام في { أَغَيْرَ الله أَبْغِي رَبّا } للإنكار ، وهو جواب على المشركين لما دعوه إلى عبادة غير الله ، أي كيف أبغي غير الله رباً مستقلاً وأترك عبادة الله ، أو شريكاً لله فأعبدهما معاً ، والحال أنه ربّ كل شيء ، والذي تدعونني إلى عبادته هو من جملة من هو مربوب له ، مخلوق مثلي لا يقدر على نفع ولا ضرّ ، وفي هذا الكلام من التقريع والتوبيخ لهم ما لا يقادر قدره ، وغير منصوب بالفعل الذي بعده ، وربا تمييز أو مفعول ثان على جعل الفعل ناصباً لمفعولين . قوله : { وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا } أي لا يؤاخذ مما أتت من الذنب وارتكبت من المعصية سواها ، فكل كسبها للشرّ عليها لا يتعداها إلى غيرها ، وهو مثل قوله تعالى : { لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكتسبت } وقوله : { لتجزى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تسعى } . قوله : { وَلاَ تَزِرُ وازرة وِزْرَ أخرى } أصل الوزر الثقل ، ومنه قوله تعالى : { وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ } وهو هنا الذنب { وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ على ظُهُورِهِمْ } قال الأخفش : يقال وزر يَوزر ، ووزر يزر وزراً ، ويجوز إزراً ، وفيه ردّ لما كانت عليه الجاهلية من مؤاخذة القريب بذنب قريبه ، والواحد من القبيلة بذنب الآخر . وقد قيل : إن المراد بهذه الآية في الآخرة ، وكذلك التي قبلها لقوله تعالى : { واتقوا فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الذين ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَاصَّةً } ومثله قول زينب بنت جحش : يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون ؟ قال : «نعم إذا كثر الخبث » ، والأولى حمل الآية على ظاهرها : أعني العموم ، وما ورد من المؤاخذة بذنب الغير كالدية التي تحملها العاقلة ونحو ذلك ، فيكون في حكم المخصص بهذا العموم ، ويقرّ في موضعه ولا يعارض هذه الآية قوله تعالى : { وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَّعَ أَثْقَالِهِمْ } فإن المراد بالأثقال التي مع أثقالهم هي : أثقال الذين يضلونهم كما في الآية الأخرى : { لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ القيامة وَمِنْ أَوْزَارِ الذين يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ } { ثُمَّ إلى رَبّكُمْ مَّرْجِعُكُمْ } يوم القيامة { فَيُنَبّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ } في الدنيا ، وعند ذلك يظهر حق المحقين وباطل المبطلين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.