فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَإِذَا لَمۡ تَأۡتِهِم بِـَٔايَةٖ قَالُواْ لَوۡلَا ٱجۡتَبَيۡتَهَاۚ قُلۡ إِنَّمَآ أَتَّبِعُ مَا يُوحَىٰٓ إِلَيَّ مِن رَّبِّيۚ هَٰذَا بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمۡ وَهُدٗى وَرَحۡمَةٞ لِّقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ} (203)

قوله : { وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِم بِآيَةٍ قَالُواْ لَوْلاَ اجتبيتها } اجتبى الشيء بمعنى جباه لنفسه ، أي جمعه ، أي : هلا اجتمعتها افتعالاً لها من عند نفسك ؟ وقيل : المعنى اختلقتها ، يقال : اجتبيت الكلام : انتحلته واختلقته واخترعته إذا جئت به من عند نفسك . كانوا يقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تراخى الوحي هذه المقالة ، فأمره الله بأن يجيب عليهم بقوله : { إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحى إِلَىَّ } أي : لست ممن يأتي بالآيات من قبل نفسه كما تزعمون { بَلِ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحى إِلَىَّ مّن رَّبّى } فما أوحاه إليّ وأنزله عليّ أبلغته إليكم .

وبصائر جمع بصيرة ، أي هذا القرآن المنزل عليّ هو { بَصَائِرُ مِن رَّبّكُمْ } يتبصر بها من قبلها . وقيل : البصائر الحجج والبراهين . وقال الزجاج : البصائر الطرق { وَهُدًى وَرَحْمَةً لّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } معطوف على بصائر أي هذا القرآن هو بصائر وهدى يهتدي به المؤمنون ورحمة لهم .

/خ206