قوله : { وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ } الظرف منصوب بمضمر معطوف على الأوّل : أي واذكروا وقت إراءتكم إياهم حال كونهم قليلاً ، حتى قال القائل من المسلمين لآخر : أتراهم سبعين ؟ قال : هم نحو المائة . وقلل المسلمين في أعين المشركين حتى قال قائلهم : إنما هم أكلة جزور ، وكان هذا قبل القتال ، فلما شرعوا فيه كثر الله المسلمين في أعين المشركين ، كما قال في آل عمران : { يَرَوْنَهُمْ مّثْلَيْهِمْ رَأْي العين } ، ووجه تقليل المسلمين في أعين المشركين هو أنهم إذا رأوهم قليلاً أقدموا على القتال غير خائفين ، ثم يرونهم كثيراً فيفشلون ، وتكون الدائرة عليهم ، ويحلّ بهم عذاب الله وسوط عقابه . واللام في { لّيَقْضِيَ الله أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً } متعلقة بمحذوف كما سبق مثله قريباً . وإنما كرره لاختلاف المعلل به { وَإِلَى الله تُرْجَعُ الأمور } كلها يفعل فيها ما يريد ويقضي في شأنها ما يشاء .
وقد أخرج عبد الرزاق ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن مجاهد ، في قوله : { إِذْ يُرِيكَهُمُ الله فِي مَنَامِكَ قَلِيلاً } قال : أراه الله إياهم في منامه قليلاً ، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بذلك فكان ذلك تثبيتاً لهم . وأخرج ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن قتادة ، في قوله : { وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيراً لَّفَشِلْتُمْ } يقول : لجبنتم { ولتنازعتم فِي الأمر } قال : لاختلفتم . وأخرج ابن أبي حاتم ، عن ابن عباس ، في قوله : { ولكن الله سَلَّمَ } أي : أتمّ ، وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم ، عنه { ولكن الله سَلَّمَ } يقول : سلم لهم أمرهم حتى أظهرهم على عدوّهم .
وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، وابن مردويه ، عن ابن مسعود ، في قوله : { وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ } الآية قال : لقد قلوا في أعيننا يوم بدر حتى قلت لرجل إلى جنبي : تراهم سبعين ؟ قال : لا بل هم مائة ، حتى أخذنا رجلاً منهم ، فسألناه قال : كنا ألفاً . وأخرج ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ عن عكرمة ، في الآية قال : حضض بعضهم على بعض . قال ابن كثير : إسناده صحيح . وأخرج ابن إسحاق عن عباد بن عبد الله بن الزبير في قوله : { لّيَقْضِيَ الله أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً } أي ليلف بينهم الحرب للنقمة ممن أراد الانتقام منه ، والإنعام على من أراد النعمة عليه من أهل ولايته .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.