فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ لَهُمۡ جَنَّـٰتٞ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُۚ ذَٰلِكَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡكَبِيرُ} (11)

ثم ذكر سبحانه ما أعدّ للمؤمنين الذين أحرقوا بالنار فقال : { إِنَّ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات } وظاهر الآية العموم ، فيدخل في ذلك المحرقون في الأخدود بسبب إيمانهم دخولاً أوّلياً ، والمعنى : أن الجامعين بين الإيمان وعمل الصالحات { لَهُمْ جنات تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنهار } أي لهم بسبب الإيمان ، والعمل الصالح جنات متصفة بهذه الصفة . وقد تقدّم كيفية جري الأنهار من تحت الجنات في غير موضع ، وأوضحنا أنه إن أريد بالجنات الأشجار ، فجري الأنهار من تحتها واضح ، وإن أريد بها الأرض المشتملة عليها ، فالتحتية باعتبار جزئها الظاهر ، وهو الشجر ، لأنها ساترة لساحتها ، والإشارة بقوله : { ذلك } إلى ما تقدّم ذكره مما أعدّه الله لهم : أي ذلك المذكور { الفوز الكبير } الذي لا يعدله فوز ، ولا يقاربه ولا يدانيه ، والفوز الظفر بالمطلوب .

/خ22