فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ لَهُمۡ جَنَّـٰتٞ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُۚ ذَٰلِكَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡكَبِيرُ} (11)

ثم لما ذكر سبحانه وعيد المجرمين أتبعه بذكر ما أعده للمؤمنين الذين أحرقوا بالنار فقال { إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات } وظاهر الآية العموم فيدخل في ذلك المحرقون في الأخدود بسبب إيمانهم دخولا أوليا ، والمعنى أن الجامعين بين الإيمان وعمل الصالحات { لهم } بسبب الإيمان والعمل الصالح { جنات تجري من تحتها } أي تحت أسرتها وغرفها وجميع أماكنها { الأنهار } يتلذذون ببردها في نظير ذلك الحر الذي صبروا عليه في الدنيا .

وقد تقدم كيفية جري الأنهار من تحت الجنات في غير موضع ، وأوضحنا أنه إن أريد بالجنات الأشجار فجري الأنهار من تحتها واضح وإن أريد بها الأرض المشتملة عليها فالتحية باعتبار جزئها الظاهر وهو الشجر لأنها ساترة لساحتها وأرضها .

{ ذلك } أي ما تقدم ذكره مما أعده الله لهم { الفوز الكبير } الذي لا يعدله فوز ولا يقاربه ولا يدانيه ، والفوز الظفر بالمطلوب ، وما في " ذلك " من معنى البعد للإيذان بعلو درجته في الفضل والشرف .