تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{ذَٰلِكُم بِأَنَّكُمُ ٱتَّخَذۡتُمۡ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ هُزُوٗا وَغَرَّتۡكُمُ ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَاۚ فَٱلۡيَوۡمَ لَا يُخۡرَجُونَ مِنۡهَا وَلَا هُمۡ يُسۡتَعۡتَبُونَ} (35)

30

المفردات :

آيات الله : القرآن .

هزوا : سخريا .

وغرتكم : وخدعتكم فاطمأننتم إليها .

ولا هم يستعتبون : أي : ولا يطلب منهم أن يعتبوا ربهم ، أي أن يرضوه ، يقال : عتب عليه فأعتبه ، أي : لامه فأرضاه بإزالة ما لامه من أجله ، والعتبى هي الرضا .

التفسير :

35- { ذلكم بأنكم اتخذتم آيات الله هزوا وغرتكم الحياة الدنيا فاليوم لا يخرجون منها ولا هم يستعتبون } .

ذلكم العذاب بأنكم سخرتم من القرآن وآيات الله ومعجزاته البينات ، واستهزأتم بالرسول والمؤمنين والدعوة إلى الإيمان والتوحيد ، وشغلتكم الدنيا بما فيها ، وظننتم ألا بعث ولا جزاء ، فاليوم يوم الجزاء ، لا تخرجون من النار أبدا ، ولا تقبل منكم توبة ، ولا ترجعون إلى الدنيا أملا في العتبى ، أي مرضاة الله والعمل بما يرضيه ، فقد مضى أوان التوبة والرضا ، لأن الدنيا عمل ولا حساب ، والآخرة حساب ولا عمل .

قال صاحب الظلال :

ثم يسدل الستار عليهم بإعلان مصيرهم الأخير ، وهم متروكون في جهنم لا يخرجون ، ولا يطلب إليهم اعتذار ولا عتاب .

{ فاليوم لا يخرجون منها ولا هم يستعتبون } .

وكأننا نسمع مع إيقاع هذه الكلمات صرير الأبواب وهي توصد إيصادها الأخير ، وقد انتهى المشهد فلم يعد فيه بعد ذلك تغيير ولا تحوير .

 
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{ذَٰلِكُم بِأَنَّكُمُ ٱتَّخَذۡتُمۡ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ هُزُوٗا وَغَرَّتۡكُمُ ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَاۚ فَٱلۡيَوۡمَ لَا يُخۡرَجُونَ مِنۡهَا وَلَا هُمۡ يُسۡتَعۡتَبُونَ} (35)

شرح الكلمات

{ ذلكم بأنكم اتخذتم آيات الله } : أي ذلك العذاب كان لكم بسبب كفركم واتخاذكم آيات الله هزواً { هزواً } : أي شيئا مهزؤاً به .

{ وغرتكم الحياة الدنيا } : أي طول العمر والتمتع بالشهوات والمستلذات { ولا هم يستعتبون } : أي لا يؤذن لهم في الاستعتاب ليعتبوا فيتوبوا .

المعنى

وعلة هذا الحكم عليهم بيَّنها تعالى بقوله { ذلكم بأنكم اتخذتم آيات الله هزوا وغرتكم الحياة الدنيا } أي حكم عليكم بالعذاب والخذلان بسبب اتخاذكم آيات الله الحاملة للحجج والبراهين الدالة على وجود الله ووجوب توحيده وطاعته هزوا أي شيئا مهزواً به ، { وغرَّتكم الحياة الدنيا } بزخرفها وزينتها ، وطول أعماركم فيها ، فلم تؤمنوا ولم تعملوا صالحا ينجيكم من هذا العذاب الذي حاق بكم اليوم . قال تعالى { فاليوم لا يخرجون منها } وترك مخاطبتهم إشعاراً لهم بأنهم لا كرامة لله لهم اليوم ، فلم يقل فاليوم لا تخرجون منها ، بل عدل عنها إلى قوله { فاليوم لا يخرجون منها ولا هم يستعتبون } أي لم يطلب منهم أن يعتبوا ربهم بالتوبة إليه ، إذ لا توبة بعد الموت ، والرجوع إلى الدنيا غير ممكن في حكم الله وقضائه ، وهنا تعظم حسرتهم ويشتد العذاب عليهم ويعظم كربهم .