تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{مِن شَرِّ ٱلۡوَسۡوَاسِ ٱلۡخَنَّاسِ} (4)

المفردات :

الوسواس : الشيطان يوسوس للناس ويزين لهم الشر والمعصية .

الخناس : صفة الشيطان ، من الخنس وهو الابتعاد والاختفاء عند ذكر الله .

التفسير :

4- من شر الوسواس الخنّاس .

والوسوسة : الصوت الخفيّ .

والخنوس : الرجوع والاختباء والنكوص .

والخنّاس : هو الذي من طبعه كثرة الخنوس .

وقد ذكر البخاري ، عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( الشيطان جاثم على قلب ابن آدم ، فإذا ذكر الله تعالى خنس ، وإذا غفل وسوس ) .

إن السورة تعليم لنا أن نتحصّن بالله من شر الشيطان الذي يوسوس لنا بالشر ، ويزيّن لنا المعاصي ، ويغرينا بالمخالفة ، فإذا ذكرنا الله تعالى ضعف هذا الشيطان وخنس ورجع وتصاغر ، وأيس من الإنسان .

وقد ورد في الصحيح أن الشيطان يهرب عند سماع الأذان والإقامةi ، ثم يعود يوسوس للإنسان في صلاته ، يقوله له : اذكر كذا ، اذكر كذا ، حتى ينتهي من صلاته .

وتجارب الحياة وأوامر الدين ترشدنا إلى أن الصلاة تحتاج إلى مشارطة ومراقبة ومحاسبة ، ومعاتبة ومعاقبة ، شأنها شأن الحياة ، فأنت تشرط على نفسك أن تلتزم بطاعة الله ، ثم تراقبها وتحاسبها ، وإذا أخطأت تعاتبها ، وإذا تكرر الخطأ تعاقبها ، وكذلك في الصلاة تقول لنفسك : أريد الإخلاص في الصلاة والخشوع ، والتأمل في قراءة الفاتحة والسورة ، وتسبيح الركوع والسجود ، وحضور القلب ، وكلما انصرفت تلوم نفسك ، وتجدد الشرط ومراقبة لنفسك ، حتى تصبح لك عادة ، هي حضور القلب في الصلاة ، والتركيز أثناء الصلاة ، وترك سائر شئون الدنيا ، ويعينك على ذلك أن تذكر أن الدنيا لا تزن عند الله جناح بعوضة ، وأن متاع الدنيا قليل ، وأن الآخرة خير وأبقى ، وأن تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ، وأن تقرأ : قل هو الله أحد والمعوذتين .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{مِن شَرِّ ٱلۡوَسۡوَاسِ ٱلۡخَنَّاسِ} (4)

{ الوسواس } هو مشتق من الوسوسة ، وهي الكلام الخفي ، فيحتمل أن يكون الوسواس بمعنى الموسوس ، فكأنه اسم فاعل ، وهذا يظهر من قول ابن عطية : والوسواس من أسماء الشيطان ، ويحتمل أن يكون مصدرا وصف به الموسوس على وجه المبالغة ، كعدل وصوم ، أو على حذف مضاف تقديره ذي الوسواس . وقال الزمخشري : إنما المصدر وسواس بالكفر .

{ الخناس } معناه : الراجع على عقبه ، المستمر أحيانا ، وذلك متمكن في الشيطان ، فإنه يوسوس ، فإذا ذكر العبد الله وتعوذ به منه تباعد عنه ، ثم رجع إليه عند الغفلة عن الذكر ؛ وهو يخنس في تباعده ، ثم في رجوعه بعد ذلك .