الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{مِن شَرِّ ٱلۡوَسۡوَاسِ ٱلۡخَنَّاسِ} (4)

{ الخناس } يعني الشيطان يكون مصدرا واسما . و{ الخناس } الرجاع ، وهو الشيطان جاثم على قلب الإنسان ، فإذا غفل وسوس ، وإذا ذكر الله سبحانه انخنس .

قال قتادة : إن الخناس له خرطوم كخرطوم الكلب في صدر الإنسان ، فإذا ذكر العبد ربه خنس .

وروى ابن فضالة عن عروة بن رويم : أن عيسى ابن مريم عليه السلام دعا الله تعالى أن يريه موضع الشيطان من ابن آدم ، فجلى له ، فإذا رأسه مثل الحية ، واضع رأسه على ثمرة قلبه ، فإذا ذكر العبد به خنس ، وإذا لم يذكره وضع رأسه عليه فمناه وحدثه .

أنبأني عبد الله بن حامد الوزان الأصفهاني ، أخبرنا أحمد بن محمد بن عيسى ، أخبرنا أبو عبد الله بن محمد بن إبراهيم الباهلي بالبصرة ، أخبرنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب ، أخبرنا عدي بن أبي عمار الجرمي ، حدثني زياد بن النميرين ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الشيطان واضع خطمه على قلب ابن آدم ، فإذا ذكر الله عز وجل خنس ، وإذا نسي الله عز وجل التقم قلبه " .

وأخبرنا عبد الله بن حامد الأصفهاني الوزان ، أخبرنا أحمد بن عبد الله ، أخبرنا محمد بن عبد الله ، أخبرنا عثمان ، أخبرنا يزيد بن هارون ، أخبرنا العوام بن حوشب ، عن إبراهيم التيمي قال : أول ما يبدأ الوسواس من قبل الوضوء .

وقال مقاتل : إن الشيطان في صورة خنزير ، يجري فيجسد العبد مجرى الدم في العروق ، سلطه الله عز وجل على ذلك ، فذلك قوله عز وجل : { الذي يوسوس في صدور الناس } . قال ابن عباس : أي يوسوس على قلب ابن آدم ، فإذا ذكر الله سبحانه خنس من قلبه فذهب ، وإذا غفل التقم قلبه فحدثه ومناه .