مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{مِن شَرِّ ٱلۡوَسۡوَاسِ ٱلۡخَنَّاسِ} (4)

ولأن الاستعاذة وقعت من شر الموسوس في صدور الناس ، فكأنه قيل : أعوذ من شر الموسوس إلى الناس بربهم الذي يملك عليهم أمورهم ، وهو إلههم ومعبودهم . وقيل : أراد بالأول الأطفال . ومعنى الربوبية يدل عليه ، وبالثاني الشبان ، ولفظ الملك المنبىء عن السياسة يدل عليه ، وبالثالث الشيوخ ، ولفظ الإله المنبىء عن العبادة يدل عليه ، وبالرابع الصالحين ؛ إذ الشيطان مولع بإغوائهم ، وبالخامس المفسدين لعطفه على المعوذ منه .

{ مِن شَرّ الوسواس } هو اسم بمعنى الوسوسة ، كالزلزال بمعنى الزلزلة ، وأما المصدر فوسواس بالكسر كالزلزال ، والمراد به الشيطان ، سمي بالمصدر كأنه وسوسة في نفسه ؛ لأنها شغله الذي هو عاكف عليه ، أو أريد ذو الوسواس ، والوسوسة الصوت الخفي . { الخناس } الذي عادته أن يخنس ، منسوب إلى الخنوس ، وهو التأخر كالعواج والبتات ، لما روي عن سعيد بن جبير : إذا ذكر الإنسان ربه خنس الشيطان وولى ، وإذا غفل رجع ووسوس إليه .