النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{مِن شَرِّ ٱلۡوَسۡوَاسِ ٱلۡخَنَّاسِ} (4)

{ مِن شَرَّ الوَسْواسِ الخَنّاسِ } الخّناس هو الشيطان ، وفي تسميته بذلك وجهان : أحدهما : لأنه كثير الاختفاء ، ومنه قوله تعالى :{ فلا أُقْسِمُ بالخُنَّس } يعني النجوم لاختفائها بعد الظهور .

الثاني : لأنه يرجع عن ذكر الله ، والخنس الرجوع ، قال الراجز :

وصاحب يَمْتَعِسُ امْتِعاسا *** يزدادُ من خَنسِه خناسا

وأما " الوسواس " ها هنا ففيه وجهان :

أحدهما : أنه الشيطان ؛ لأنه يوسوس للإنسان ، وقد روى ابن جبير عن ابن عباس في قوله { الوسواس الخناس } قال : الشيطان جاثم على قلب ابن آدم ، فإذا سها وغفل وسوس ، وإذا ذكر الله تعالى خنس ، فعلى هذا يكون في تأويل الخناس وجهان :

أحدهما : الراجع بالوسوسة على الهوى .

الثاني : أنه الخارج بالوسوسة في اليقين .

الوجه الثاني : أنه وسواس الإنسان من نفسه ، وهي الوسوسة التي يحدث بها نفسه .

وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إنّ الله تعالى تجاوز لأمتى عما وسوست به أنفسها ما لم تعمل به ، أو تتكلم به " .