فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{مِن شَرِّ ٱلۡوَسۡوَاسِ ٱلۡخَنَّاسِ} (4)

{ مِن شَرّ الوسواس } قال الفرّاء : هو بفتح الواو بمعنى الاسم : أي الموسوس ، وبكسرها المصدر : أي الوسوسة كالزلزال بمعنى الزلزلة . وقيل : هو بالفتح اسم بمعنى الوسوسة ، والوسوسة : هي حديث النفس ، يقال : وسوست إليه نفسه وسوسة : أي حدّثته حديثاً ، وأصلها الصوت الخفيّ . ومنه قيل : لأصوات الحلي وسواس ، ومنه قول الأعشى :

تسمع للحلي وسواساً إذا انصرفت *** . . .

قال الزجاج : الوسواس هو الشيطان : أي ذي الوسواس ، ويقال إن الوسواس ابن لإبليس ، وقد سبق تحقيق معنى الوسوسة في تفسير قوله : { فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشيطان } [ الأعراف : 20 ] ومعنى { الخناس } : كثير الخنس ، وهو التأخر ، يقال خنس يخنس : إذا تأخر ، ومنه قول العلاء بن الحضرمي يمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم :

فإذا دخسوا بالشرّ فاعف تكرّما *** وإن خنسوا عند الحديث فلا تسل

قال مجاهد : إذا ذكر الله خنس وانقبض ، وإذا لم يذكر انبسط على القلب . ووصف بالخناس لأنه كثير الاختفاء ، ومنه قوله تعالى : { فَلاَ أُقْسِمُ بالخنس } [ التكوير : 15 ] يعني : النجوم لاختفائها بعد ظهورها كما تقدّم . وقيل : الخناس اسم لابن إبليس كما تقدّم في الوسواس .