تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{مَّا يَفۡتَحِ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحۡمَةٖ فَلَا مُمۡسِكَ لَهَاۖ وَمَا يُمۡسِكۡ فَلَا مُرۡسِلَ لَهُۥ مِنۢ بَعۡدِهِۦۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (2)

1

{ ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم }

المفردات :

فلا ممسك لها : فلا أحد يستطيع إمساكها ومنعها

العزيز : الغالب يتصرف في ملكه كما يشاء

الحكيم : في فعله يضع الأمر في موضعه المناسب

التفسير :

إذا أراد الله إكرام عبد من عباده يسر له أسباب الرزق والأمن والهداية والصحة والعلم والكرامة والحكمة وغير ذلك من أسباب الرحمة وألوان النعم وهدا العطاء لا يستطيع أحد أن يمسكه أو يمنعه عمن يريد الله إكرامه به وإذا أراد إهانة عبد أو منع الخير عنه فلا يستطيع أحد أن يرسل الخير إليه بعد أن أمسكه الله عنه فأسباب الرزق السماوي والأرضي بيده وهو سبحانه بيده الخلق والأمر لا معقب لأمره ولا راد لقضائه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن لا مانع لما أعطى ولا معطى لما منع .

وهو سبحانه العزيز الغالب على أمره ومراده الحكيم في صنعه وتدبير خلقه .

روى الإمام أحمد والشيخان عن المغيرة بن شعبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا انصرف من الصلاة قال : " لاإله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطى لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد " . v

وروى مسلم بسنده عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع رأسه من الركوع يقول : " سمع الله لمن حمده اللهم ربنا لك الحمد ملء السماء والأرض وملء ما شئت من شيء بعد اللهم أهل الثناء والمجد أحق ما قال العبد وكلنا عبد اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطى لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد " . vi

ونظير الآية قوله تعالى : وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير . ( الأنعام : 17 ) .

وهذه الآية مكملة لما سبقها في أن الفضل والرحمة والنعمة بيد الله تعالى .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{مَّا يَفۡتَحِ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحۡمَةٖ فَلَا مُمۡسِكَ لَهَاۖ وَمَا يُمۡسِكۡ فَلَا مُرۡسِلَ لَهُۥ مِنۢ بَعۡدِهِۦۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (2)

{ ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها } الفتح عبارة عن العطاء والإمساك عبارة عن المنع ، والإرسال الإطلاق بعد المنع والرحمة ، كل ما يمن الله به على عباده من خيري الدنيا والآخرة فمعنى الآية : لا مانع لما أعطى الله ولا معطي لما منع الله .

فإن قيل : لم أنث الضمير في قوله : { فلا ممسك لها } وذكره في قوله : { فلا مرسل له } وكلاهما يعود على ما الشرطية ؟ فالجواب : أنه لما فسر من الأولى بقوله : { من رحمة } أنثه لتأنيث الرحمة ، وترك الآخر على الأصل من التذكير .

{ من بعده } أي : من بعد إمساكه .