بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{مَّا يَفۡتَحِ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحۡمَةٖ فَلَا مُمۡسِكَ لَهَاۖ وَمَا يُمۡسِكۡ فَلَا مُرۡسِلَ لَهُۥ مِنۢ بَعۡدِهِۦۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (2)

ثم قال عز وجل : { مَّا يَفْتَحِ الله لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ } يعني : ما يرسل الله للناس من رزق كقوله : { وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابتغاء رَحْمَةٍ مِّن رَّبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُل لَّهُمْ قَوْلاً مَّيْسُورًا } [ الإسراء : 28 ] ويقال : الغيث . ويقال : { مِن رَّحْمَةِ } يعني : من كل خير { فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا } يعني : لا يقدر أحد على حبسها { وَمَا يُمْسِكْ } يعني : ما يحبس من رزق { فَلاَ مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ } يعني : فلا معطي أحد بعد الله عز وجل . قال في أول الكلام : { فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا } بلفظ التأنيث ، لأنه انصرف إلى اللفظ وهو الرحمة .

ثم قال : { فَلاَ مُرْسِلَ لَهُ } بلفظ التذكير ، لأنه ينصرف إلى المعنى وهو المطر والرزق ، ولو كان كلاهما بلفظ التذكير أو كلاهما بلفظ التأنيث لجاز في اللغة . فذكر الأول بلفظ التأنيث لأن الرحمة كانت أقرب إليه ، وفي الثاني كان أبعد وقد ذكر بلفظ التذكير مجاز حذف ما ثم قال : { وَهُوَ العزيز } فيما أمسك { الحكيم } فيما أرسل .