الآية 2 وقوله تعالى : { ما يفتح الله للناس من رحمة فلا مُمسك لها } عن ابن عباس . من عافية .
وقال قتادة : أي من خير ، وقال مقاتل وغيره : أي من رزق كقوله : { وإما تُعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك } [ الإسراء : 28 ] أي رزق ، وكله واحد ، إذ الخير يشتمل على العافية والرزق ، وكذلك كل واحد من ذلك .
وقال بعضهم : الرحمة الغيث والمطر ، وهو ما ذكرنا ، كله يرجع إلى واحد من ذلك .
ثم قوله : { ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده } يخرّج على وجهين :
أحدهما : على تسفيه أحلام الكفرة في عبادتهم الأصنام التي كانوا يعبدونها من دون الله ، يقول ، والله أعلم ، تعلمون أنتم أنه ليس لكم مما تعبدون من دون الله جر نفع أو خير ، ولا كشف ضر عنكم أو سوء . فكيف تعبدونها ؟ كقوله : { قل أفرأيتم ما تدعون من دون الله إن أرادني الله بضرّ } الآية [ الزمر : 38 ] أي تعلمون أنهن لا يملكن ذلك ، والله هو المالك لذلك كله ، فكيف صرفتم{[17129]} العبادة إليها عنه ؟
[ والثاني ]{[17130]} : يقول : إنكم تعلمون أن ما تعبدون من الأصنام من دون الله ، لا يرزقونكم ، ولا منها تبتغون الرزق ، ولا كانت منها إليكم سابقة نعمة .
فإنما يعبد لإحدى هذه الوجوه من يعبُد : إما لسابقة نعمة أو نيل رزق أو جرّ نفع أو كشف ضر أو دفع سوء أو طمع أو لعاقبة .
فإذا لم يكن من ذلك [ من ]{[17131]} الأصنام ، ومن الله ذلك كله ، فكيف صرفتم عبادتكم عنه إليها ؟ كقوله { إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا فابتغوا عند الله الرّزق واعبدوه واشكروا له إليه تُرجعون } [ العنكبوت : 17 ] .
هذا إذا كان قوله : { ما يفتح الله للناس من رحمة } راجعا إلى الكفرة . وإذا كان راجعا إلى المؤمنين فهو يخرّج على وجهين :
أحدهما : فيه قطع الطّمع من الخلق ، والإياس عما في أيديهم ، وألا يرجوا من دونه ، ولا يخافوا غيره .
بل فيه الأمر بأن يروا ذلك كله من الله ، وأنه هو المالك لذلك دون الخلق .
والثاني : [ فيه ]{[17132]} قطع طمع الرزق من المكاسب والأسباب التي يكتسبونها . والأمر فيها ، أعني المكاسب ، [ وأن وها ]{[17133]} تعبُّدًا ، وأن يروا أرزاقهم من فضل الله .
وعلى قول المعتزلة : إذا فتح الله لأحد رحمة يقدر عبد [ أن يمسكها ]{[17134]} وإن أمسك هو قدر [ العبد ]{[17135]} أن يُرسل ، إنهم يقولون : إن الله إذا جعل لأحد أجلا ، وضمِن له الحياة ووفاء الرزق إلى مضيّ الأجل ، فيجيء عدوٌّ من أعدائه ، فيقتله قبل انقضاء أجله واستيفاء رزقه . فذلك منع على قولهم عن وفاء ما ضمن وما جعل له من المدة /439-أ/ والأجل .
وفي حرف ابن مسعود : ما يفتح الله على الناس من رحمة .
وقوله تعالى : { وهو العزيز الحكيم } قد ذكرنا [ تأويله ]{[17136]} في غير موضع .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.