والفتح والإرسال استعارة للإطلاق ، { فلا مرسل له } مكان لا فاتح له ، والمعنى : أي شيء يطلق الله .
{ من رحمة } : أي نعمة ورزق ، أو مطر ، أو صحة ، أو أمن ، أو غير ذلك من صنوف نعمائه التي لا يحاط بعددها .
وما روي عن المفسرين المتقدمين من تفسير رحمة بشيء معين فليس على الحصر منه ، إنما هو مثال .
قال الزمخشري : وتنكير الرحمة للإشاعة والإبهام ، كأنه قال : من أية رحمة كانت سماوية أو أرضية ، فلا يقدر أحد على إمساكها وحبسها ، وأي شيء يمسك الله فلا أحد يقدر على إطلاقه . انتهى .
والعموم مفهوم من اسم الشرط ومن رحمة لبيان ذلك العام من أي صنف هو ، وهو مما اجتزىء فيه بالنكرة المفردة عن الجمع المعرف المطابق في العموم لاسم الشرط ، وتقديره : من الرحمات ، ومن في موضع الحال ، أي كائناً من الرحمات ، ولا يكون في موضع الصفة ، لأن اسم الشرط لا يوصف .
والظاهر أن قوله : { وما يمسك } عام في الرحمة وفي غيرها ، لأنه لم يذكر له تبيين ، فهو باق على العموم في كل ما يمسك .
فإن كان تفسيره { من رحمة } ، وحذفت لدلالة الأول عليه ، فيكون تذكير الضمير في { فلا مرسل له من بعده } حملاً على لفظ ما ، وأنث في { ممسك لها } على معنى ما ، لأن معناها الرحمة .
وقرىء : فلا مرسل لها ، بتأنيث الضمير ، وهو دليل على أن التفسير هو { من رحمة } ، وحذف لدلالة ما قبله عليه .
وعن ابن عباس : { من رحمة } : من باب توبة ، { فلا ممسك لها } : أي يتوبون إن شاؤوا وإن أبوا ، { وما يمسك } : من باب ، { فلا مرسل له } من بعده ، فهم لا يتوبون .
وعنه أيضاً : { من رحمة } : من هداية .
قال الزمخشري : فإن قلت : فما تقول فيمن فسر الرحمة بالتوبة وعزاه إلى ابن عباس ؟ قلت : أراد بالتوبة : الهداية لها والتوفيق فيها ، وهو الذي أراده ابن عباس ، إن قاله فمقبول ، وإن أراد أنه إن شاء أن يتوب العاصي تاب ، وإن لم يشأ لم يتب فمردود ، لأن الله تعالى يشاء التوبة أبداً ، ولا يجوز عليه أن لا يشاء بها .
انتهى ، وهو على طريقة الاعتزال .
{ من بعده } : هو على حذف مضاف ، أي من بعد إمساكه ، كقوله : { فمن يهديه من بعد الله } أي من بعد إضلال الله إياه ، لأن قبله وأضله الله على علم ، كقوله : { ومن يضلل الله فلا هادي له } وقدره الزمخشري من بعد هداية الله ، وهو تقدير فاسد لا يناسب الآية ، جرى فيه على طريقة الاعتزال .
{ وهو العزيز } الغالب القادر على الإرسال والإمساك ، { الحكيم } الذي يرسل ويمسك ما اقتضته حكمته .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.