واستغفره : مما قد يكون منه ، وهو لتعليمنا .
توابا : كثير المتاب والغفران لمن تاب .
3- فسبّح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا .
عند مجيء النصر والفتح والغلبة ، ينبغي أن تشكر الله تعالى وتلجأ إليه ذاكرا شاكرا ، مستغفرا تائبا ، متجردا من الغرور أو الإعجاب بالنصر .
فالنصر نصر الله ، والدين دين الله ، وأنت عبد الله ورسوله ، فعليك بذكره وتسبيحه واستغفاره ، ولما نزلت هذه السورة كان صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه وسجوده : ( سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي ) . يتأوّل القرآنiii .
إنه كان يجمع هذه الأوامر في صيغة تجمع معانيها ، فيقول : ( سبحانك اللهم ربنا وبحمدك ، اللهم اغفر لي ) ، فهي ذكر وشكر ، واعتراف لله بالفضل ، ورغبة في التوبة والمغفرة .
روى مسلم ، عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر من قول : ( سبحان الله وبحمده ، أستغفر الله أتوب إليه )iv .
اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت ، خلقتني وأنا عبدك ، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت ، أعوذ بك من شر ما صنعت ، أبوء لك بنعمتك علي ، وأبوء بذنبي ، فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت .
تمّ بحمد الله تعالى وتوفيقه تفسير سورة ( النصر ) ظهر يوم الأربعاء 21 من ربيع الأول 1422 ه ، الموافق 13/6/2001 م .
رواه البخاري في المغازي ( 4294 ) وأحمد في مسنده ( 3117 ) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر فقال بعضهم : لم تدخل هذا الفتى معنا ولنا أبناء مثله ؟ فقال : إنه ممن قد علمتم قال : فدعاهم ذات يوم ودعاني معهم قال : وما رئيته دعاني يومئذ إلا ليريهم مني فقال : ما تقولون في { إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا } حتى ختم السورة فقال بعضهم : أمرنا أن نحمد الله ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا وقال بعضهم : لا ندري أو لم يقل بعضهم شيئا فقال لي : يا ابن عباس ، أكذلك تقول ؟ قلت : لا ، قال : فما تقول : قلت : هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه الله له { إذا جاء نصر الله والفتح } فتح مكة فذاك علامة أجلك { فسبح ربك واستغفره إنه كان توابا } قال عمر : ما أعلم منها إلا ما تعلم .
ii يكثر في آخر أمره من قول سبحان الله وبحمده :
رواه أحمد في مسنده ( 23545 ) ومسلم في الصلاة ( 484 ) من حديث عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر في آخر أمره من قول سبحان الله وبحمده أستغفر الله وأتوب إليه ، قالت : فقلت : يا رسول الله ، ما لي أراك تكثر من قول سبحان الله وبحمده أستغفر الله وأتوب إليه ، قال : ( إن ربي عز وجل كان أخبرني أني سأرى علامة في أمتي وأمرني إذا رأيتها أن أسبح بحمده وأستغفره إنه كان توابا فقد رأيتها { إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا } .
iii يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده :
رواه البخاري في الأذان ( 817 ) وفي التفسير ( 4968 ) ومسلم في الصلاة ( 484 ) من حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده : ( سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي ) يتأول القرآن .
{ فسبح بحمد ربك } فنزهه عما لا يليق به ، بكل ذكر يدل على التنزيه ، حامدا له على أن صدق وعده زيادة في عبادته والثناء عليه ، لزيادة إنعامه عليك . أو فصّل له تعالى حامدا على نعمه . و " إذا " منصوب ب " سبح " ، والفاء غير مانعة منه على ما عليه الجمهور . { واستغفره } اطلب مغفرته ؛ وأمره به ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان دائم الترقي ؛ فإذا ترقى إلى مرتبة استغفر لما دونها . أو استغفاره مما هو خلاف الأولى في نظره الشريف . أو لتعليم أمته . أو مما كان يعرض له بمقتضى البشرية من الضجر والقلق عند إعراض قومه عنه ، وإبائهم السماع والقبول منه ، وإبطاء نصر الله له ، وللحق الذي جاء به . وقال القرطبي : إنه عليه الصلاة والسلام كان يستقصر نفسه لعظم ما أنعم الله به عليه ، ويرى قصوره عن القيام بحق ذلك ذنوبا فيستغفر منها . وقيل : الاستغفار تعبد يجب إتيانه في ذاته لا للمغفرة ؛ فإنه قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر . { إنه كان توابا } كثير القبول لتوبة كثير من عباده التائبين . والجملة تعليل لما قبلها . وأخرج الإمام أحمد من حديث ابن عباس : " من أكثر من الاستغفار جعل الله تعالى له من كل هم فرجا " . وأنا أقول كما قال العلامة الآلوسي هنا : سبحان الله وبحمده ، أستغفر الله تعالى وأتوب إليه . وأسأله أن يجعل لي من كل هم فرجا ، ومن كل ضيق مخرجا ؛ بحرمة كتابه الكريم ، وسيد أحبابه العظيم ، صلى الله عليه وسلم .
واستغفِرهُ : اسأل المغفرة لك ولأُمتك .
توّابا : كثير القبول لتوبة عباده .
فاشكر ربك ، وسبّح بحمده ، ونزّهْه عن كل شريك ، لما حقّق لك وللمؤمنين من النصر العظيم .
واطلُب المغفرةَ لك ولأمتك من الله تعالى ، فإنه يَقْبَلُ التوبةَ ، وبابُه مفتوحٌ دائما للتوابين .
روى الإمام أحمد عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُكثر في آخر أمره من قوله : " سبحانَ الله وبحمدِه ، أستغفرُ الله وأتوبُ إليه " . قال : " إن ربي أخبرني أني سأرى علامةً في أُمتي ، وأمرني إذا رأيتُها أن أسبّحه وأستغفرَه ، إنّه كان توابا . فقد رأيتها . . . { إِذَا جَآءَ نَصْرُ الله والفتح . . . } رواه مسلم أيضا .
وهكذا تم النصرُ والفتح ، وأشْرَقت الأرضُ بنورِ ربّها ، وعمّ الإسلامُ جوانبَ الأرض .
نسأل الله تعالى أن يُلهم زعماءَنا وكبراءنا التوفيقَ وسَدادَ الرأي ، فتجتمعَ كلمتُهم على نصرِ دين الله ، وتتوحّدَ صفوفهم ، ويجتمعَ شملُهم ليعملوا على إنقاذ هذه الأُمة ، وردِّ كرامتها ، واستردادِ الأرض المقدّسة بإذن الله .
فأمر رسوله أن يشكر ربه على ذلك ، ويسبح بحمده ويستغفره ، وأما الإشارة ، فإن في ذلك إشارتين : إشارة لأن يستمر النصر لهذا الدين{[1488]} ، ويزداد عند حصول التسبيح بحمد الله واستغفاره من رسوله ، فإن هذا من الشكر ، والله يقول : { لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ } ، وقد وجد ذلك في زمن الخلفاء الراشدين ، وبعدهم في هذه الأمة لم يزل نصر الله مستمرًا ، حتى وصل الإسلام إلى ما لم يصل إليه دين من الأديان ، ودخل فيه ، ما لم يدخل في غيره ، حتى حدث من الأمة من مخالفة أمر الله ما حدث ، فابتلاهم{[1489]} الله بتفرق الكلمة ، وتشتت الأمر ، فحصل ما حصل .
[ ومع هذا ] فلهذه الأمة ، وهذا الدين ، من رحمة الله ولطفه ، ما لا يخطر بالبال ، أو يدور في الخيال .
وأما الإشارة الثانية ، فهي الإشارة إلى أن أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قرب ودنا ، ووجه ذلك أن عمره عمر فاضل ، أقسم الله به .
وقد عهد أن الأمور الفاضلة تختم بالاستغفار ، كالصلاة والحج ، وغير ذلك .
فأمر الله لرسوله بالحمد والاستغفار في هذه الحال ، إشارة إلى أن أجله قد انتهى ، فليستعد ويتهيأ للقاء ربه ، ويختم عمره بأفضل ما يجده صلوات الله وسلامه عليه .
فكان صلى الله عليه وسلم يتأول القرآن ، ويقول ذلك في صلاته ، يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده : " سبحانك اللهم وبحمدك ، اللهم اغفر لي " .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.