تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦ خَلۡقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَآبَّةٖۚ وَهُوَ عَلَىٰ جَمۡعِهِمۡ إِذَا يَشَآءُ قَدِيرٞ} (29)

27

المفردات :

بثّ : نشر وفرّق .

دابة : كل ما يدب على الأرض من إنسان وغيره .

جمعهم : حشرهم بعد البعث للمحاسبة .

عود إلى التفسير :

29- { ومن آياته خلق السماوات والأرض وما بثّ فيهما من دابة وهو على جمعهم إذا يشاء قدير } .

ومن آيات الله تعالى الدالة على كمال قدرته خلق السماوات وما فيها من أفلاك وأملاك ، وكواكب وشموس وأقمار ، ونجوم سيارات وغير ذلك ، وخلق الأرض وما فيها من بحار وأنهار ، وأشجار وجبال ، وما بث الله في الأرض من إنسان وحيوان وطيور وزواحف ودواب متعددة ، منها ما يمشي على رجلين كالإنسان ، ومنها ما يمشي على أربع كالبقر والغنم والإبل ، ومنها ما يزحف على بطنه كالثعبان والحيات ، وهذه الأرض وهذا الفضاء وهذه السماء ، بل هذا الكون كله حافل بأسراب من الطير لا يعلم عددها إلا الله ، وأسراب من النحل والنمل وأخواتها لا يحصيها إلا الله ، وأسراب من الحشرات والهوامّ والجراثيم لا يعلم مواطنها إلا الله ، وأسراب من الأسماك وحيوان البحر لا يطّلع عليها إلا الله ، وقطعان من الأنعام والوحش سائمة وشاردة في كل مكان ، وقطعان من البشر مبثوثة في الأرض كلها ، ومعها خلائق أربى عددا وأخفى مكانا في السماوات من خلق الله . . كلها . . كلها . . يجمعها الله حين يشاء .

فهو سبحانه خالق الكون وما فيه ، وهو العالم بكل صغيرة وكبيرة ، وبكل ذرة ومثقال حبة فيه ، وبأمره يجمع كل هذه المخلوقات بقدرته ، وهو على كل شيء قدير .

وقريب من هذه الآية قوله تعالى : { والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع يخلق الله ما يشاء إن الله على كل شيء قدير } . ( النور : 45 ) .

تنبيه :

ذهب بعض الباحثين في آيات القرآن الفلكية والعوالم العلوية إلى احتمال معنى آخر ، وهو احتمال أن تكون هناك حياة على سطح المريخ ، أو عالم يشبه عالم الأرض على نحو ما ، ولا يبعد أن يتخابرا ويجتمعا فكرا ، إذا لم يجتمعا جسما12 .

قال تعالى : { ومن آياته خلق السماوات والأرض وما بث فيهما من دابة وهو على جمعهم إذا يشاء قدير } .

وقال تعالى : { يسأله من في السماوات والأرض كل يوم هو في شأن } . ( الرحمان : 29 ) .

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦ خَلۡقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَآبَّةٖۚ وَهُوَ عَلَىٰ جَمۡعِهِمۡ إِذَا يَشَآءُ قَدِيرٞ} (29)

{ ومن آياته خلق السموات . . } أي ومن الآيات الدالة على كمال قدرته الموجبة لتوحيده ، وتصديق ما وعد به من البعث : خلق السموات والأرض على هذه الصورة العجيبة والنظام المحكم .

{ وما بث فيهما من دابة } أي وما خلق ما فرق ونشر فيهما من دواب . والدابة اسم لكل ما دب على وجه الأرض أو غيرها . وظاهره وجود دواب في السموات . وجوزه الزمخشري فقال : يجوز أن يكون للملائكة مشي مع الطيران ؛ فيصفون بالدبيب كما يوصف الحيوان ، وأن يخلق الله في السموات حيوانات يمشون فيها مشى الحيوانات في الأرض . وقال الفراء : أراد ما بث في الأرض دون السماء ، وهو من نسبة ما في أحد الشيئين إليهما جميعا ؛ إذ يصدق أنه فيهما وإن كان في أحدهما ، على نمط قوله تعالى : " يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان " {[307]} وهما إنما يخرجان من الملح . ومن قبيل : بنو تميم فيهم شاعر مجيد ؛ وإنما هو في فخذ من أفخاذهم .


[307]:آية 22 الرحمان.