تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{ضَرَبَ لَكُم مَّثَلٗا مِّنۡ أَنفُسِكُمۡۖ هَل لَّكُم مِّن مَّا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُكُم مِّن شُرَكَآءَ فِي مَا رَزَقۡنَٰكُمۡ فَأَنتُمۡ فِيهِ سَوَآءٞ تَخَافُونَهُمۡ كَخِيفَتِكُمۡ أَنفُسَكُمۡۚ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ ٱلۡأٓيَٰتِ لِقَوۡمٖ يَعۡقِلُونَ} (28)

{ ضرب لكم مثلا من أنفسكم هل لكم من ما ملكت أيمانكم من شركاء في ما رزقناكم فأنتم فيه سواء تخافونهم كخيفتكم أنفسكم كذلك نفصل الآيات لقوم يعقلون( 28 ) بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم فمن يهدي من أضل الله وما لهم من ناصرين( 29 ) }

المفردات :

من أنفسكم : منتزعا من أحوال أنفسكم التي هي أقرب الأمور إليكم وأعرفها عندكم .

ملكت أيمانكم : مماليككم وعبيدكم .

فيما رزقناكم : من العقار والمنقول .

فأنتم فيه سواء : يتصرفون فيه كتصرفكم .

تخافونهم : تخافون أن يستبدلوا بالتصرف فيه .

كخيفتكم أنفسكم : كما يخاف الأحرار بعضهم من بعض .

نفصل الآيات : نبينها بالتمثيل الكاشف للمعاني .

التفسير :

{ ضرب لكم مثلا من أنفسكم هل لكم من ما ملكت أيمانكم من شركاء في ما رزقناكم فأنتم فيه سواء تخافونهم كخيفتكم أنفسكم كذلك نفصل الآيات لقوم يعقلون } .

أي إن الله تعالى يضرب لكم مثلا منتزعا من أنفسكم تشاهدونه وتفهمونه وهو :

هل يقبل أحدكم أن يكون عبده شريكا له في ماله يتصرف العبد في ماله تصرفا كاملا بدون الرجوع إليه فيكون العبد وسيده سواء في التصرف في المال والعقار ؟

{ فأنتم فيه سواء تخافونهم كخيفتكم أنفسكم . . . }

هذا من تتمة المثل أي لستم وعبيدكم سواء في أموالكم ، وأنتم لا تعطون عبيدكم حرية التصرف في أموالكم بحيث تخافون أن يستبدوا بالتصرف فيها كما يخاف الأحرار بعضهم من بعض .

وإذا كنتم لا ترضون لأنفسكم أن يشارككم عبيدكم في أموالكم وتصرفاتكم فكيف رضيتم لله تعالى شريكا له في خلقه وملكه ، حيث كانوا يقولون في تلبيتهم بالحج : لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إلا شريكا هو له تملكه وما ملك .

{ كذلك نفصل الآيات لقوم يعقلون } .

كذلك نوضح المعاني بضرب الأمثال وإخراج المعقول في صورة المحسوس لتتضح الحقيقة كاملة أمام عيونكم فتتحرك عقولكم إلى التأمل والتدبر في أن أحدكم يأنف أن يساويه عبده في التصرف في أمواله فكيف تجعلون لله أندادا من خلقه ؟

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{ضَرَبَ لَكُم مَّثَلٗا مِّنۡ أَنفُسِكُمۡۖ هَل لَّكُم مِّن مَّا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُكُم مِّن شُرَكَآءَ فِي مَا رَزَقۡنَٰكُمۡ فَأَنتُمۡ فِيهِ سَوَآءٞ تَخَافُونَهُمۡ كَخِيفَتِكُمۡ أَنفُسَكُمۡۚ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ ٱلۡأٓيَٰتِ لِقَوۡمٖ يَعۡقِلُونَ} (28)

مما ملكت أيمانكم : من العبيد .

لقد بين لكم الله مثلا منتزعا من أنفسكم : هل لكم من عبيدِكم شركاءَ في أموالكم فأنتم وهم سواء في التصرف فيها ، تخافون منهم الاستبدادَ في التصرف فيها كما يخاف بعضكم بعضا ؟ إذا كان أحدكم يأنف أن يساويه عبيدُه في التصرف بأمواله ، فكيف تجعلون لله أنداداً من خلقه ؟ { كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيات لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ضَرَبَ لَكُم مَّثَلٗا مِّنۡ أَنفُسِكُمۡۖ هَل لَّكُم مِّن مَّا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُكُم مِّن شُرَكَآءَ فِي مَا رَزَقۡنَٰكُمۡ فَأَنتُمۡ فِيهِ سَوَآءٞ تَخَافُونَهُمۡ كَخِيفَتِكُمۡ أَنفُسَكُمۡۚ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ ٱلۡأٓيَٰتِ لِقَوۡمٖ يَعۡقِلُونَ} (28)

قوله تعالى : { ضرب لكم مثلاً من أنفسكم } أي : بين لكم شبهاً بحالكم ، وذلك المثل من أنفسكم ، ثم بين المثل فقال : { هل لكم من ما ملكت أيمانكم } أي : عبيدكم وإمائكم ، { من شركاء فيما رزقناكم } من المال ، { فأنتم } وهم ، { فيه سواء } أي : هل يشارككم عبيدكم في أموالكم التي أعطيناكم ، { تخافونهم كخيفتكم أنفسكم } أي : تخافون أن يشاركوكم في أموالكم ويقاسموكم كما يخاف الحر شريكه الحر في المال يكون بينهما أن ينفرد فيه بأمر دونه ، وكما يخاف الرجل شريكه في الميراث ، وهو يحب أن ينفرد به . قال ابن عباس : تخافونهم أن يرثوكم كما يرث بعضكم بعضاً فإذا لم تخافوا هذا من مماليككم ولم ترضوا ذلك لأنفسكم ، فكيف رضيتم أن تكون آلهتكم التي تعبدونها شركائي وهم عبيدي ؟ . ومعنى قوله : أنفسكم ، أي : أمثالكم من الأحرار كقوله : { ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيراً } أي : بأمثالهم . { كذلك نفصل الآيات لقوم يعقلون } ينظرون إلى هذه الدلائل بعقولهم .