تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَا لُقۡمَٰنَ ٱلۡحِكۡمَةَ أَنِ ٱشۡكُرۡ لِلَّهِۚ وَمَن يَشۡكُرۡ فَإِنَّمَا يَشۡكُرُ لِنَفۡسِهِۦۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٞ} (12)

{ ولقد ءاتينا لقمان الحكمة أن اشكر لله ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن الله غني حميد( 12 ) وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم( 13 ) }

المفردات :

لقمان : كان نجارا أسود من سودان مصر ذا مشافر آتاه الله الحكمة .

الحكمة : العقل والفطنة .

الشكر : الثناء على الله تعالى وإصابة الحق وحب الخير للناس وتوجيه الأعضاء وجميع النعم لما خلقت له .

12

التفسير :

{ ولقد آتينا لقمان الحكمة أن اشكر لله ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن الله غني حميد . }

ولقد أعطينا لقمان الفهم والعقل وحسن التبصر والإصابة في القول وأمرناه أن يشكر الله عز وجل على ما آتاه وخصه به من بين أبناء جنسه وأهل زمانه ومن يشكر الله فإن فائدة الشكر إنما تعود عليه حيث يمنحه الله زيادة في النعمة والحكمة ومن يكفر بنعمة الله فإنما يعود ضرر الكفر على نفسه لن الله غني عن عباده محمود بالفعل في السماء والأرض .

قال تعالى : { يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد } . ( فاطر : 15 ) .

وقد أفاض الطبري في وصف لقمان وحكمته وبلده ، وكذلك ابن كثير وجمهور المفسرين على أن لقمان كان عبدا صالحا أعطاه الله الحكمة ، ورجح ابن كثير انه كان عبدا صالحا حكيما ولم يكن نبيا واستند إلى أن بعض الروايات أفادت أنه كان عبدا مملوكا لبعض الناس ثم من الله عليه بالحكمة والعلم والقبول فرآه زميل له في مجلس وقد خضع له الناس وأنصتوا واستمعوا فقال له : ألست أنت الذي كنت ترعى معي الغنم في مكان كذا وكذا ؟ قال : نعم ، ما بلغ بك ما أرى ؟ قال : صدق الحديث والصمت عما لا يعنيني .

وروى جابر عن عكرمة قال : كان لقمان نبيا .

وذهب ابن كثير إلى انه لم يكن نبيا لأن الرسل تبعث في أحساب قومها قال : وجمهور السلف على أنه لم يكن نبيا وإنما نقل كونه نبيا عن عكرمة وإسناده ضعيف والله أعلم .

وروى ابن كثير في تفسيره عن قتادة عن عبد الله بن الزبير قال قلت : لجابر بن عبد الله ما انتهى إليكم من شأن لقمان ؟ قال : كان قصيرا أفطس من النوبة .

وقال يحيى بن سعيد الأنصاري عن سعيد بن المسيب قال : كان لقمان من سودان مصر ذا مشافر أعطاه الله الحكمة ومنعه النبوة . vi

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَا لُقۡمَٰنَ ٱلۡحِكۡمَةَ أَنِ ٱشۡكُرۡ لِلَّهِۚ وَمَن يَشۡكُرۡ فَإِنَّمَا يَشۡكُرُ لِنَفۡسِهِۦۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٞ} (12)

لقمان : عرف العرب بهذا الاسم شخصين أحدهما لقمان بن عاد وكانوا يعظّمون قدره في النباهة والرياسة والدهاء . وأما الآخر فهو لقمان الحكيم الذي اشتهر بحكَمه وأمثاله . وهو المقصود هنا ، وسُميت السورة باسمه ، وقد كانت حِكمه شائعة بين العرب . ويقول بعض المفسرين إنه نبي ، وآخرون يقولون إنه حكيم آتاه الله الحكمة والعقل والفطنة . وأورد الإمام مالك كثير من حِكمه في كتابه « الموطأ » ، ويقال إنه كان أسود من سوداء مصر أو من الحبشة أو النوبة .

الحكمة : العلم مع العمل ، وكل كلام وافق الحقَّ فهو حكمة . وقيل الحكمة : هي الكلام المعقول المصون عن الحشو ، وقال ابن عباس الحكمة : تعلُّم الحلالِ والحرام . وقال الراغب : الحكمة : معرفة الموجودات وفعل الخيرات . وقال الرسول الكريم : « إن من الشعر لحكمة » يعني كلاما صادقا . وقال تعالى { واذكرن مَا يتلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ الله والحكمة } الخ . . . .

لقد منحْنا لقمانَ الحكم والعلم والإصابة في القول ، وقلنا له اشكرِ الله ، ومن يشكر فإن فائدةَ ذلك الشكر عائدةٌ إليه ، ومن جَحَدَ نعمةَ الله فإنه غنيّ عن شكره غير محتاج إليه ، محمود في ذاته .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَا لُقۡمَٰنَ ٱلۡحِكۡمَةَ أَنِ ٱشۡكُرۡ لِلَّهِۚ وَمَن يَشۡكُرۡ فَإِنَّمَا يَشۡكُرُ لِنَفۡسِهِۦۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٞ} (12)

قوله تعالى : { ولقد آتينا لقمان الحكمة } يعني : العقل والعلم والعمل به والإصابة في الأمور . قال محمد بن إسحاق : هو لقمان بن ناعور بن ناحور بن تارخ وهو آزر . وقال وهب : كان ابن أخت أيوب ، وقال مقاتل : ذكر أنه كان ابن خالة أيوب . قال الواقدي : كان قاضياً في بني إسرائيل . واتفق العلماء على أنه كان حكيماً ، ولم يكن نبياً ، إلا عكرمة فإنه قال : كان لقمان نبياً . وتفرد بهذا القول . وقال بعضهم : خير لقمان بين النبوة والحكمة فاختار الحكمة . وروي أنه كان نائماً نصف النهار فنودي : يا لقمان ، هل لك أن يجعلك الله خليفة في الأرض لتحكم بين الناس بالحق ؟ فأجاب الصوت فقال : إن خيرني ربي قبلت العافية ، ولم أقبل البلاء ، وإن عزم علي فسمعاً وطاعةً ، فإني أعلم إن فعل بي ذلك أعانني وعصمني ، فقالت الملائكة بصوت لا يراهم : لم يا لقمان ؟ قال : لأن الحاكم بأشد المنازل وأكدرها ، يغشاها الظلم من كل مكان إن يعن ، فبالحري أن ينجو ، وإن أخطأ أخطأ طريق الجنة ، ومن يكن في الدنيا ذليلاً خير من أن يكون شريفاً ، ومن يخير الدنيا على الآخرة تفته الدنيا ولا يصيب الآخرة . فعجبت الملائكة من حسن منطقه ، فنام نومة فأعطي الحكمة ، فانتبه وهو يتكلم بها ، ثم نودي داود بعده فقبلها ولم يشترط ما اشترط لقمان ، فهوى في الخطيئة غير مرة ، كل ذلك يعفو الله عنه ، وكان لقمان يؤازره بحكمته . وعن خالد الربعي قال : كان لقمان عبداً حبشياً نجاراً . وقال سعيد بن المسيب : كان خياطاً . وقيل : كان راعي غنم . فروي أنه لقيه رجل وهو يتكلم بالحكمة فقال : ألست فلاناً الراعي فبم بلغت ما بلغت ؟ قال : بصدق الحديث ، وأداء الأمانة ، وترك ما لا يعنيني . وقال مجاهد : كان عبداً أسود عظيم الشفتين مشقق القدمين . { أن اشكر لله ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن الله غني حميد* }