تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{۞وَلَا تُجَٰدِلُوٓاْ أَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ إِلَّا بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُ إِلَّا ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنۡهُمۡۖ وَقُولُوٓاْ ءَامَنَّا بِٱلَّذِيٓ أُنزِلَ إِلَيۡنَا وَأُنزِلَ إِلَيۡكُمۡ وَإِلَٰهُنَا وَإِلَٰهُكُمۡ وَٰحِدٞ وَنَحۡنُ لَهُۥ مُسۡلِمُونَ} (46)

{ ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا ءامنا بالذي انزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون( 46 ) وكذلك أنزلنا إليك الكتاب فالذين ءاتيناهم الكتاب يؤمنون به ومن هؤلاء من يؤمن به وما يجحد بئاياتنا إلا الكافرون( 47 ) وما كنت تتلوا من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذ لارتاب المبطلون( 48 ) بل هو ءايات بينات في صدور الذين أوتوا العلم وما يجحد بئاياتنا إلا الظالمون( 49 ) }

المفردات :

الجدل : الحجاج والمناظرة والمناقشة .

أهل الكتاب : اليهود والنصارى أتباع موسى وعيسى عليهما السلام .

إلا بالتي هي أحسن : إلا بالخصلة التي هي أحسن كمعارضة الخشونة بالين والغضب بالكظم وضبط النفس والمشاغبة بالنصح والتنبيه إلا آيات الله وحججه .

إلا الذين ظلموا منهم : لكن الظالمون منهم بالإفراط في الاعتداء والعناد والمحاربة ، فجادلوهم وعاملوهم بالمثل .

وأنزل إليكم : صدقنا بالقران وبالتوراة وبالإنجيل في أصولهما الصحيحة .

مسلمون *** : خاضعون مطيعين .

التفسير :

{ ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون } .

دعوة للمسلمين أن يتلطفوا في النقاش والجدال مع أهل الكتاب باستعمال النغمة الهادئة ، والحكمة والأسلوب اللين .

كما قال تعالى : { ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن . . . } ( النحل : 125 ) .

وقال سبحانه لموسى وهارون : { اذهبا إلى فرعون إنه طغى فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى } ( طه : 43-44 ) .

وهذا منهج الإسلام في النقاش والجدال ، ورحابة صدره حيث يدعو إلى الإيمان بالرسل والكتب والأنبياء السابقين لأن الرسل جميعا أرسلهم اله واحد بالدعوة إلى توحيد الله ، والتحلي بمكارم الأخلاق والتخلي عن الرذائل والقبائح .

يقول الله تعالى : { آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير } ( البقرة : 285 ) .

وروى البخاري في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " الأنبياء إخوة لعلاَّت ، أمهاتهم شتى ودينهم واحد " . 23

ما أجمل دين الإسلام وما أسمى أهدافه فقد احترم الرسالات السماوية وصدق بالكتب السابقة وحث على النقاش الهادئ مع أهل الكتاب واستعمال اللغة المهذبة ، والتعرف على ما عند الآخرين بالأسلوب الأحسن على حد قول علمائنا نتعاون فيما اتفقنا عليه يميز بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه .

لكن من ظلم من أهل الكتاب واعتدى في فعله أو قوله فإنه يعامل معاملة مماثلة .

{ فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم . . . }( البقرة : 194 ) .

{ وقولوا آمنا بالقرآن وبالتوراة والإنجيل إيمانا مجملا } .

أخرج البخاري عن أبي هريرة قال كان أهل الكتاب يقرأون التوراة بالعبرانية ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم ، وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون " . 24

أي : ربنا وربكم واحد لا شريك له في الألوهية ، ونحن له مسلمون مطيعون مستسلمون لحكمه وأمره .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{۞وَلَا تُجَٰدِلُوٓاْ أَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ إِلَّا بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُ إِلَّا ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنۡهُمۡۖ وَقُولُوٓاْ ءَامَنَّا بِٱلَّذِيٓ أُنزِلَ إِلَيۡنَا وَأُنزِلَ إِلَيۡكُمۡ وَإِلَٰهُنَا وَإِلَٰهُكُمۡ وَٰحِدٞ وَنَحۡنُ لَهُۥ مُسۡلِمُونَ} (46)

الجدَل : الحِجاج والمناظرة ، مأخوذ من جدلَ الحبلَ وفتله ، والمُناظر يفتل خصمه عن رأيه .

مسلمون : مطيعون ، خاضعون .

يؤكد القرآن الكريم على الدعوة بالرِّفق واللين ، ومجادلة أهل الكتاب بالتي هي أحسن ، ومقابلة الغضب والعصبية بالهدوء وكظم الغيظ ، فيقول : { وَلاَ تجادلوا أَهْلَ الكتاب إِلاَّ بالتي هِيَ أَحْسَنُ } ، ويقول : { ادع إلى سَبِيلِ رَبِّكَ بالحكمة والموعظة الحسنة وَجَادِلْهُم بالتي هِيَ أَحْسَنُ } [ النحل : 125 ] ، ويقول : { ادفع بالتي هِيَ أَحْسَنُ } [ المؤمنون : 96 ] .

هذه أوامر الله تعالى في القرآن الكريم ، يأمرنا أن نتحلّى بالرفق واللين ، وندعو ونجادل بالتي هي أحسن . لكننا مع الأسف نجد معظم الذين يرتدون في الظاهر زِيّ الدين ويدعون الى الله ، لا يتحلّون بهذه الأخلاق ، فتجدهم على المنابر متشنّجين متشدّدين ، وقد لا نظلمهم إذا قلنا إن بعضهم يتشنّج في خدمة جيبه ، لا خدمة ربّه .

{ إِلاَّ الذين ظَلَمُواْ مِنْهُمْ } : أما الذين ظلمونا وحاربونا وناصبونا العداء فإن الله تعالى أمرنا أن نقابلهم بالمثل ، حيث لا ينفع معهم الرفق

ولا اللين . وفي مذابح لبنان وأفغانستان شاهدٌ على ذلك .

{ وقولوا آمَنَّا بالذي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وإلهنا وإلهكم وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } : قولوا لهم : آمنّا بالقرآن الذي أُنزل إلينا والتوراةِ والإنجيل ، معبودُنا ومعبودكم واحد ونحن خاضعون له ، ومنقادون لأمره .