تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَتَرَى ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةَ حَآفِّينَ مِنۡ حَوۡلِ ٱلۡعَرۡشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمۡدِ رَبِّهِمۡۚ وَقُضِيَ بَيۡنَهُم بِٱلۡحَقِّۚ وَقِيلَ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (75)

المفردات :

حافين : محيطين محدقين .

وقضى بينهم : فصل بين الخلائق .

التفسير :

75- { وترى الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين } .

بعد أن دخل أهل النار جهنم ، ودخل الأتقياء الجنة ، كان ختام السورة دالاّ على عظمة ذي الجلال والإكرام ، فالملائكة تحف بالعرش وتحدق به ، وتحيط به من كل جانب ، يسبحون بحمد الله ، ويعظمونه ويقدسونه وينزهونه عن النقائص ، وقد حُكم بين الخلائق بالعدل والحق بلا ظلم ولا حيف .

قال الفخر الرازي :

{ وقضي بينهم بالحق . . . }

أي حُكم بين الملائكة بالحق ، فلكل منهم في المعرفة والطاعة حد محدود لا يتجاوزه ولا يتعداه ، ثم نطق الكون كلّه بحمد الله وشكره ، على حسن قضائه وعظيم نعمائه .

ونلاحظ أن الله تعالى بدأ الخلق بحمد الله ، قال تعالى في صدر سورة الأنعام : { الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور . . . } ( الأنعام : 1 )

كما أن الله تعالى اختتم أعمال الآخرة بالحمد ، فقال سبحانه : { وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين } .

فهو سبحانه له الحمد في الأولى والآخرة ، وله الحكم ، وإليه يرجع الخلق أجمعون ، وفي نهاية كل مجلس نقول الحمد لله رب العالمين ، دلالة على الختام والشكر والمنة لذى الجلال والإكرام ، اللهم لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما ترضى وتحبّ ، ولك الحمد إذا رضيت ، ولك الحمد بعد الرضى ، اللهم لك الحمد والشكر والثناء الحسن الجميل ، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ، سبحان ربك رب العزّة عما يصفون ، وسلام على المرسلين ، والحمد لله رب العالمين .

ختام السورة:

خلاصة ما تضمنته سورة الزمر

1- وصف القرآن الكريم .

2- الأدلة على قدرة الله تعالى .

3- طبيعة المشرك في السرّاء والضراء .

4- ضرب الأمثال في القرآن وفائدة ذلك .

5- تهديد المشركين ووعيدهم .

6-تمني المشركين الفداء حين يرون العذاب .

7- الوعد بالغفران ذنوب من أسرفوا على أنفسهم .

8-ذكر أحوال القيامة .

9-سَوْق الكفار إلى جهنم ومناقشة الملائكة لهم .

10-ذهاب المتقين إلى الجنة مع الكرامة والتعظيم .

11-إعلان الحمد لله رب العالمين في نهاية فصل القضاء .

***

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَتَرَى ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةَ حَآفِّينَ مِنۡ حَوۡلِ ٱلۡعَرۡشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمۡدِ رَبِّهِمۡۚ وَقُضِيَ بَيۡنَهُم بِٱلۡحَقِّۚ وَقِيلَ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (75)

قوله تعالى : " وترى الملائكة " يا محمد " حافين " أي محدقين " من حول العرش " في ذلك اليوم " يسبحون بحمد ربهم " متلذذين بذلك لا متعبدين به ، أي يصلون حول العرش شكرا لربهم . والحافون أخذ من حافات الشيء ونواحيه . قال الأخفش : واحدهم حاف . وقال الفراء : لا واحد له إذ لا يقع لهم الاسم إلا مجتمعين . ودخلت " من " على " حول " لأنه ظرف والفعل يتعدى إلى الظرف بحرف وبغير حرف . وقال الأخفش : " من " زائدة أي حافين حول العرش . وهو كقولك : ما جاءني من أحد ، فمن توكيد . الثعلبي : والعرب تدخل الباء أحيانا في التسبيح وتحذفها أحيانا ، فيقولون : سبح بحمد ربك ، وسبح حمدا لله . قال الله تعالى : " سبح اسم ربك الأعلى " [ الأعلى : 1 ] وقال : " فسبح باسم ربك العظيم " [ الواقعة : 74 ] . " وقضي بينهم بالحق " بين أهل الجنة والنار . وقيل : قضى بين النبيين الذين جيء بهم مع الشهداء وبين أممهم بالحق والعدل . " وقيل الحمد لله رب العالمين " أي يقول المؤمنون الحمد لله على ما أثابنا من نعمه وإحسانه ونصرنا على من ظلمنا . وقال قتادة في هذه الآية : افتتح الله أول الخلق بالحمد لله . فقال : " الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور " [ الأنعام :1 ] وختم بالحمد فقال : " وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين " فلزم الاقتداء به ، والأخذ في ابتداء كل أمر بحمده وخاتمته بحمده . وقيل : إن قول " الحمد لله رب العالمين " من قول الملائكة ، فعلى هذا يكون حمدهم لله تعالى على عدله وقضائه . وروي من حديث ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ على المنبر آخر سورة " الزمر " فتحرك المنبر مرتين .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَتَرَى ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةَ حَآفِّينَ مِنۡ حَوۡلِ ٱلۡعَرۡشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمۡدِ رَبِّهِمۡۚ وَقُضِيَ بَيۡنَهُم بِٱلۡحَقِّۚ وَقِيلَ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (75)

قوله : { وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ } ذلك وصف لحال الملائكة إذ يُحدِقون من حول العرش العظيم يسبحون بحمد ربهم فيعظمونه ويمجِّدونه ويذكرونه ذكرا مستديما .

قوله : { وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ } أي قضى الله بين عباده بالعدل والصدق { وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } هذه شهادة حق ينطق بها الكون كله بما فيه من مختلف الخلائق والكائنات والأجناس على أن الله له الحمد والثناء وهو المستحق لبالغ الشكر والتقديس والإذعان{[4000]} .


[4000]:تفسير ابن كثير ج 4 ص 67-68 وتفسير القرطبي ج 15 ص 284-287