تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{أَسۡكِنُوهُنَّ مِنۡ حَيۡثُ سَكَنتُم مِّن وُجۡدِكُمۡ وَلَا تُضَآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُواْ عَلَيۡهِنَّۚ وَإِن كُنَّ أُوْلَٰتِ حَمۡلٖ فَأَنفِقُواْ عَلَيۡهِنَّ حَتَّىٰ يَضَعۡنَ حَمۡلَهُنَّۚ فَإِنۡ أَرۡضَعۡنَ لَكُمۡ فَـَٔاتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأۡتَمِرُواْ بَيۡنَكُم بِمَعۡرُوفٖۖ وَإِن تَعَاسَرۡتُمۡ فَسَتُرۡضِعُ لَهُۥٓ أُخۡرَىٰ} (6)

السكنى والنفقة للمعتدة ، وأجر الرضاع

{ أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى ( 6 ) لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ مَا آَتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا ( 7 ) }

6

المفردات :

من وُجدكم : من وسعكم ، وقال الفراء : على قدر طاقتكم .

ولا تضارّوهن : في النفقة والسكنى .

لتضيقوا عليهن : لتلجئوهن إلى الخروج بشغل المكان ، أو بإسكان من لا يردن السكنى معه .

ائتمروا بينكم بمعروف : تشاوروا ، وأن يأمر بعضكم بعضا باليسر والتسامح في الأجرة والإرضاع ، فلا يكن من الأب مماسكة ، ولا من الأم معاسرة .

وإن تعاسرتم : بأن كان من الأب مضايقة ، أو من الأم ممانعة .

التفسير :

6-{ أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى } .

أسكنوا هؤلاء المطلقات في بعض مساكنكم التي تسكنونها ، على قدر طاقتكم ومقدرتكم ، فإن كل موسرا وسّع عليها في المسكن والنفقة ، وإن كان فقيرا فعلى قدر طاقته .

قال قتادة : ولتسكن إذا لم يكن إلا بيت واحد ، في بعض نواحيه .

{ وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ . . . }

ولا تستعملوا معهنّ الضرار في السكنى بشغل المكان ، أو بإسكان غيرهن معهن ممن لا يُحْبِبْنَ السكنى معه ، لتلجئوهن إلى الخروج من مساكنهن .

{ وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ . . . }

إذا كانت المطلقة حاملا ، فيجب الإنفاق عليها وعلى حملها حتى تضع الحمل .

وهذا حكم المطلقة طلقة بائنة ، أما المطلقة طلقة رجعية ، فتستحق النفقة وإن لم تكن حاملا .

وقال أبو حنيفة : تجب النفقة والسكنى لكلّ مطلقة ، وإن لم تكن ذات حمل ، لما روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في المبتوتة : " لها النفقة والسكنى " ، لأن ذلك جزاء الاحتباس ، وهو مشترك بين الحامل وغيرها .

وأرى أن ذلك من محاسن الدين الإسلامي ، ومن التكافل الاجتماعي ، ومن رعاية المطلقة والإنفاق عليها في فترة العدّة ترضية لها ، وقياما بحقها ، فقد قدّمت لزوجها ما قدمت في فترة الزواج ، فيجب أن يرعاها ويتكفل بها بعد الطلاق في فترة العدة ، لأنها محبوسة وممنوعة من الزواج بسبب أن كل زواج تعقبه عدة لتعرّف براءة الرحم ، فنفقة العدّة تكون على الزوج ، لأن من حقوق الزوجة على زوجها النفقة .

{ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ . . . }

إذا طُلقت المرأة وقامت بإرضاع الولد ، فإن نفقة الرضاع على الزوج ، فلها أجر المثل .

وفي هذا إشارة إلى أن حق الرضاع والنفقة للأولاد على الأزواج ، وحق الإمساك والحضانة على الزوجات .

{ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ . . . }

أي : تشاوروا وتعاونوا ، وتدارسوا موقف الأبناء بعد الطلاق ، لعمل اللازم لهم ، ولا تجعلوا المال عائقا عن مواصلة الرعاية النفسية والاجتماعية والنفقة على الأولاد ، فالوالد مطالب بالسخاء على أولاده ، والأم مطالبة بالحضانة والكفالة ، ولها أجر المثل .

وهذه الفقرة فيها مناشدة للأزواج والزوجات المطلّقات تدارس الموقف ، واللجوء إلى المعروف ، والتفاهم والتيسير بشأن الذّرية ورعايتها بعد انفصال الزوجين ، وما أحرى المسلمين في هذه الأيام بالتخلّق بأخلاق القرآن ، وترك الكيد من أحد الزوجين للآخر بعد الطلاق .

فنجد رجلا ترك أولاده لزوجته ، تقوم هي بتعليمهم والإنفاق عليهم ، وقد أخلّ هو بما يجب عليه ، ونقول له : أين قوله تعالى : { وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ . . . }

{ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى } .

إن شحّ الأب بالمال ، أو تعسّفت الأم في طلب أجرة أكثر من أجرة المثل ، فليحضر الأب مرضعا أخرى ترضع الرضيع بالأجر ، فإذا قبلت الأمّ بأجر المثل فهو أحق بابنها ، لما تشتمل عليه الأم من الحنان والحبّ .

فإذا لم يقبل الرضيع ثدي مرضع أخرى غير أمه ، وجب على أمه الرضاع ولها أجر المثل .

ويرى بعض المفسرين أن هذه الفقرة فيها لوم للأم ومعاتبة لها ، كقولك لمن تستقضيه حاجة فيتوانى عن قضائها : سيقضيها غيرك ، بمعنى ستقضى وأنت ملوم .

فالأم أكثر حنوا وشفقة ، وينبغي تعاون الطرفين ، الأب والأم ، من أجل مصلحة الصغير .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أَسۡكِنُوهُنَّ مِنۡ حَيۡثُ سَكَنتُم مِّن وُجۡدِكُمۡ وَلَا تُضَآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُواْ عَلَيۡهِنَّۚ وَإِن كُنَّ أُوْلَٰتِ حَمۡلٖ فَأَنفِقُواْ عَلَيۡهِنَّ حَتَّىٰ يَضَعۡنَ حَمۡلَهُنَّۚ فَإِنۡ أَرۡضَعۡنَ لَكُمۡ فَـَٔاتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأۡتَمِرُواْ بَيۡنَكُم بِمَعۡرُوفٖۖ وَإِن تَعَاسَرۡتُمۡ فَسَتُرۡضِعُ لَهُۥٓ أُخۡرَىٰ} (6)

{ 6-7 } { أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى * لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا }

تقدم أن الله نهى عن إخراج المطلقات عن البيوت وهنا أمر بإسكانهن وقدر الإسكان{[1144]}  بالمعررف ، وهو البيت الذي يسكنه مثله ومثلها ، بحسب وجد الزوج وعسره ، { وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ } أي : لا تضاروهن ، عند سكناهن بالقول أو الفعل ، لأجل أن يمللن ، فيخرجن من البيوت ، قبل تمام العدة ، فتكونوا ، أنتم المخرجين لهن ، وحاصل هذا أنه نهى عن إخراجهن ، ونهاهن عن الخروج ، وأمر بسكناهن ، على وجه لا يحصل به عليهن ، ضرر ولا مشقة ، وذلك راجع إلى العرف ، { وَإِنْ كُنَّ } أي : المطلقات { أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } وذلك لأجل الحمل الذي في بطنها ، إن كانت بائنًا ، ولها ولحملها إن كانت رجعية ، ومنتهى النفقة حتى يضعن حملهن{[1145]}  فإذا وضعن حملهن ، فإما أن يرضعن أولادهن أو لا ، { فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ } المسماة لهن ، إن كان مسمى ، وإلا فأجر المثل ، { وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ } أي : وليأمر كل واحد من الزوجين ومن غيرهما ، الآخر بالمعروف ، وهو كل ما فيه منفعة ومصلحة في الدنيا والآخرة ، فإن الغفلة عن الائتمار بالمعروف ، يحصل فيه{[1146]}  من الشر والضرر ، ما لا يعلمه إلا الله ، وفي الائتمار ، تعاون على البر والتقوى ، ومما يناسب هذا المقام ، أن الزوجين عند الفراق وقت العدة ، خصوصًا إذا ولد لهما{[1147]}  ولد في الغالب يحصل من التنازع والتشاجر لأجل النفقة عليها وعلى الولد مع الفراق ، الذي في الغالب ما يصدر إلا عن بغض ، ويتأثر منه البغض شيء كثير{[1148]}

فكل منهما يؤمر بالمعروف ، والمعاشرة الحسنة ، وعدم المشاقة والمخاصمة{[1149]}  وينصح على ذلك .

{ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ } بأن لم يتفقوا{[1150]}  على إرضاعها لولدها ، فلترضع{[1151]}  له أخرى غيرها { فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ } وهذا حيث كان الولد يقبل ثدي غير أمه ، فإن لم يقبل إلا ثدي أمه ، تعينت لإرضاعه ، ووجب عليها ، وأجبرت إن امتنعت ، وكان لها أجرة المثل إن لم يتفقا على مسمى ، وهذا مأخوذ من الآية الكريمة من حيث المعنى ، فإن الولد لما كان في بطن أمه مدة الحمل ، ليس له خروج منه{[1152]}  عين تعالى على وليه النفقة ، فلما ولد ، وكان يمكن{[1153]}  أن يتقوت من أمه ، ومن غيرها ، أباح تعالى ، الأمرين ، فإذا ، كان بحالة لا يمكن أن يتقوت إلا من أمه ، كان بمنزلة الحمل ، وتعينت أمه طريقًا لقوته ، ثم قدر تعالى النفقة ، بحسب حال الزوج فقال :


[1144]:- في ب: إسكانهن.
[1145]:- في ب: إلى وضع الحمل.
[1146]:- في ب: فيها.
[1147]:- في ب: بينهما.
[1148]:- في ب: الذي لا يحصل في الغالب إلا مقرونًا بالبغض فيتأثر من ذلك شيء كثير.
[1149]:- في ب: والمنازعة.
[1150]:- في ب: بأن لم يتفق الزوجان.
[1151]:- في ب: فسترضع له أخرى.
[1152]:- في ب: لا خروج له منه.
[1153]:- في ب: يتمكن.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{أَسۡكِنُوهُنَّ مِنۡ حَيۡثُ سَكَنتُم مِّن وُجۡدِكُمۡ وَلَا تُضَآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُواْ عَلَيۡهِنَّۚ وَإِن كُنَّ أُوْلَٰتِ حَمۡلٖ فَأَنفِقُواْ عَلَيۡهِنَّ حَتَّىٰ يَضَعۡنَ حَمۡلَهُنَّۚ فَإِنۡ أَرۡضَعۡنَ لَكُمۡ فَـَٔاتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأۡتَمِرُواْ بَيۡنَكُم بِمَعۡرُوفٖۖ وَإِن تَعَاسَرۡتُمۡ فَسَتُرۡضِعُ لَهُۥٓ أُخۡرَىٰ} (6)

قوله تعالى : { أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضارّوهن لتضيّقوا عليهن وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن وأتمروا بينكم بمعروف وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى 6 لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها سيجعل الله بعد عسر يسرا } .

هذه جملة من أحكام المرأة المطلقة حال اعتدادها . وهي أحكام ربانية تفيض بالعدل والرحمة والرفق والحسنى التي يفرضها الإسلام على الرجال للنساء دفعا للحيف عنهن ودرءا للأذى والإضرار أن يحيق بهن . فأيما إضرار يقع على المرأة في نفسها أو مالها أو سمعتها وكرامتها فإنه محظور وينبغي دفعه وإزالته . قال سبحانه : { أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم } من وجدكم ، يعني من سعتكم وطاقتكم وذلك في المطلقات وهن يقضين عدتهن فعلى الأزواج أن يسكنوهن عندهم حال اعتدادهن مما يجدونه من السعة ، من غير حرج في ذلك حتى تنتهي عدتهن .

قوله : { ولا تضارّوهن لتضيّقوا عليهن } المضارة ، إلحاق الضرر بها . فيحرم على من طلّق زوجته أن يضارها أو يضاجرها فيؤذيها بوجه من وجوه الإضرار والأذى ليضطرها بذلك أن تخرج من مسكنها أو تفتدي من زوجها المضارّ بمالها .

قوله : { وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن } وهذا في البائن إن كانت حاملا فإنها تجب لها النفقة حتى تضع . أما الرجعية فإنها تجب نفقتها سواء كانت حاملا أو حائلا . قال ابن عباس في ذلك : هذا في المرأة يطلقها زوجها فيبتّ طلاقها وهي حامل فيأمره الله أن يسكنها وينفق عليها حتى تضع .

قوله : { فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن } يعني إذا وضعت نساؤكم حملهن وهن طوالق ، فقد بنّ منكم بانقضاء عدتهن . ولهن حينئذ الخيار بإرضاع أولادهن منكم أو عدم إرضاعهم . لكنهن عليهن إرضاعهم اللبأ وهو بكسر اللام ومعناه أول اللبن في النّتاج{[4567]} أو هو باكورة اللبن ، وهو غذاء لا يستغني عنه الطفل في الغالب . وعلى هذا إذا أرضعت البائن الولد فقد استحقت بذلك أجر مثلها ولها أن تعاقد ولي أمر الولد على ما يتفقان عليه من أجرة في مقابلة إرضاع الولد .

قوله : { وأتمروا بينكم بمعروف } والخطاب للآباء والأمهات ، أو للأزواج والزوجات ، وائتمروا من الائتمار وهو أن يأمر بعضكم بعضا { بمعروف } أي بالجميل والمسامحة من غير إضرار أو مضارة ، فإن الرضيع ولدهما وهما شريكان فيه وفي وجوب الإشفاق عليه .

قوله : { وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى } يعني إذا اختلف الأب والأم في أجرة الرضاع فطلبت الأم أجرة كبيرة ولم يجبها الأب أو ضنّ بذلك فلم يعطها إلا نزرا فليستأجر الأب لولده مرضعة أخرى . ولو رضيت الأم بما استؤجرت به الأجنبية كانت هي أحق بإرضاعه لإشفاقها عليه .


[4567]:مختار الصحاح ص 588.