بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{أَسۡكِنُوهُنَّ مِنۡ حَيۡثُ سَكَنتُم مِّن وُجۡدِكُمۡ وَلَا تُضَآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُواْ عَلَيۡهِنَّۚ وَإِن كُنَّ أُوْلَٰتِ حَمۡلٖ فَأَنفِقُواْ عَلَيۡهِنَّ حَتَّىٰ يَضَعۡنَ حَمۡلَهُنَّۚ فَإِنۡ أَرۡضَعۡنَ لَكُمۡ فَـَٔاتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأۡتَمِرُواْ بَيۡنَكُم بِمَعۡرُوفٖۖ وَإِن تَعَاسَرۡتُمۡ فَسَتُرۡضِعُ لَهُۥٓ أُخۡرَىٰ} (6)

ثم رجع إلى ذكر المطلقات فقال عز وجل : { أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم } يعني : أنزلوهن من حيث تسكنون فيه . { مّن وُجْدِكُمْ } يعني : من سعتكم . والوجد : القدرة والغنى . ويقال : افتقر فلان بعد وجده . ثم قال : { وَلاَ تُضَارُّوهُنَّ } يعني : لا تظلموهن . { لِتُضَيّقُواْ عَلَيْهِنَّ } في النفقة والسكنى . { وَإِن كُنَّ أولات حَمْلٍ } يعني : إن كن المطلقات ذوات حمل ، { فَأَنفِقُواْ عَلَيْهِنَّ حتى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } وقد أجمعوا أن المطلقة إذا كانت حاملاً فلها النفقة ، وأما إذا لم تكن حاملاً ، فإن كان الطلاق رجعياً ، فلها النفقة والسكنى بالإجماع . وإن كان الطلاق بائناً ، فلها السكنى والنفقة في قول أهل العراق . وقال بعضهم : لها السكنى ولا نفقة .

ثم قال : { فإن أرضعن لكم فأتوهن أجورهن } يعني : المطلقات إذا أرضعن أولادكم ، فأعطوهن أجورهن ، لأن النفقة على الأب . وأجر الرضاع من النفقة ، فهو على الأب إذا كانت المرأة مطلقة . ثم قال : { وَأْتَمِرُواْ بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ } هموا به واعزموا عليه ، ويقال هو أن لا تضار المرأة بالزوج ولا الزوج بالمرأة في الرضاع . ويقال : { وَأْتَمِرُواْ بَيْنَكُمْ } يعني : اتفقوا فيما بينكم يعني : الزوج والمرأة يتفقان على أمر واحد : { بِمَعْرُوفٍ } يعني : بإحسان . { وَإِن تَعَاسَرْتُمْ } يعني : تضايقتم ، وهو أن يأبى أن يؤتي المرأة لأجل رضاعها ، وأبت المرأة أن ترضعه . ويقال : يعني : أراد الرجل أقل مما طلبت المرأة من النفقة ، ولم يتفقا على شيء واحد . { فَسَتُرْضِعُ لَهُ أخرى } يعني : يدفع الزوج الصبي إلى امرأة أُخرى إن أرضعت بأقل مما ترضع الأم به .