فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{أَسۡكِنُوهُنَّ مِنۡ حَيۡثُ سَكَنتُم مِّن وُجۡدِكُمۡ وَلَا تُضَآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُواْ عَلَيۡهِنَّۚ وَإِن كُنَّ أُوْلَٰتِ حَمۡلٖ فَأَنفِقُواْ عَلَيۡهِنَّ حَتَّىٰ يَضَعۡنَ حَمۡلَهُنَّۚ فَإِنۡ أَرۡضَعۡنَ لَكُمۡ فَـَٔاتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأۡتَمِرُواْ بَيۡنَكُم بِمَعۡرُوفٖۖ وَإِن تَعَاسَرۡتُمۡ فَسَتُرۡضِعُ لَهُۥٓ أُخۡرَىٰ} (6)

{ أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتيضيقوا عليهن وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن وأتمروا بينكم بمعروف وإن تعاسرتم فسترضع له- أخرى ( 6 ) } .

وصية من الله تعالى بمن كن زوجات أن يضمن لهن السكن والنفقة قدر الوسع والطاقة دون تكلف ما هو فوق المقدور والعرف الصحيح الذي تعارف عليه العقلاء والنظراء ؛ ونهى المولى سبحانه أن تعامل بمضايقة ومضارة ، وأمر أن تجرى عليها النفقة طالما هي حامل ؛ وحين تلد إن أرضعت مولودها فلها أجر إرضاعه من غير غلو ولا بخس ، فإن تشاححتم أو تغاليتم فستوجد مرضعة أخرى- وكأنه معاتبة للأم إن هي شحت بلبنها على ولدها-

[ وقال نافع : قال مالك في قول الله تعالى : { أسكنوهن من حيث سكنتم } يعني المطلقات اللاتي بن من أزواجهن فلا رجعة لهم عليهن وليست حاملا ، فلها السكن ولا نفقة لها ولا كسوة ، لأنها بائن منه لا يتوارثان ولا رجعة له عليها . وإن كانت حاملا فلها النفقة والكسوة والمسكن حتى تقضي عدتها . فأما من لم تبن منهن فإنهن نساؤهم يتوارثون ، ولا يخرجن إلا أن يأذن لهن أزواجهن ما كن في عدتهن ولم يؤمروا بالسكنى لهن لأن ذلك لازم لأزواجهن مع نفقتهن وكسوتهن ، حوامل كن أو غير حوامل . وإنما أمر الله بالسكنى للاتي بن من أزواجهن مع نفقتهن ، قال تعالى : { وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن } فجعل عز وجل للحوامل اللائي قد بن من أزواجهن السكنى والنفقة . قال ابن العربي : وبسط ذلك وتحقيقه أن الله سبحانه لما ذكر السكنى أطلقها لكل مطلقة ، فلما ذكر النفقة قيدها بالحمل ، فدل على أن المطلقة البائن لا نفقة لها . ]{[7152]} .


[7152]:-ما بين العارضتين ورد في الجامع لأحكام القرآن. جـ 18 ص 166.