إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{أَسۡكِنُوهُنَّ مِنۡ حَيۡثُ سَكَنتُم مِّن وُجۡدِكُمۡ وَلَا تُضَآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُواْ عَلَيۡهِنَّۚ وَإِن كُنَّ أُوْلَٰتِ حَمۡلٖ فَأَنفِقُواْ عَلَيۡهِنَّ حَتَّىٰ يَضَعۡنَ حَمۡلَهُنَّۚ فَإِنۡ أَرۡضَعۡنَ لَكُمۡ فَـَٔاتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأۡتَمِرُواْ بَيۡنَكُم بِمَعۡرُوفٖۖ وَإِن تَعَاسَرۡتُمۡ فَسَتُرۡضِعُ لَهُۥٓ أُخۡرَىٰ} (6)

وقولُه تعالى : { أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم } استئنافٌ وقعَ جواباً عن سؤالٍ نشأَ مما قبلَهُ من الحثِّ عَلى التَّقوى كأنَّه قيلَ كيفَ نعملُ بالتَّقوى في شأنِ المعتداتِ فقيلَ أسكنوهنَّ مسكناً من حيثُ سكنتُم أي بعضَ مكانٍ سكناكم . وقولُه تعالَى : { من وُجْدِكُم } أي من وُسعِكم أي مما تطيقونَهُ عطفُ بيانٍ لقولِهِ من حيثُ سكنتُم وتفسيرٌ لهُ .

{ وَلاَ تُضَارُّوهُنَّ } أيْ في السُّكنى { لِتُضَيّقُوا عَلَيْهِنَّ } وتُلْجئوهنَّ إلى الخروجِ { وَإِن كُنَّ } أي المطلقاتُ { أولات حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حتى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } فيخرُجنَ من العدةِ ، أما المُتوفَّى عنهنَّ أزواجُهنَّ فلا نفقةَ لهُنَّ { فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ } بعدَ ذلكَ { فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ } على الإرضاعِ { وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ } أي تشاورُوا ، وحقيقتُه ليأمرْ بعضُكم بعضاً بجميلٍ في الإرضاعِ والأجرِ ولاَ يكُن من الأبِ مماكسة{[786]} ولا من الأمِّ مُعاسرةٌ { وَإِن تَعَاسَرْتُمْ } أي تضايقتُم { فَسَتُرْضِعُ لَهُ أخرى } أي فستوجَدُ ولا تُعوزُ مرضعةٌ أُخرى ، وفيه معاتبةٌ للأمِّ على المعاسرةِ .


[786]:المماكسة في البيع: انتقاص الثمن.