غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{أَسۡكِنُوهُنَّ مِنۡ حَيۡثُ سَكَنتُم مِّن وُجۡدِكُمۡ وَلَا تُضَآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُواْ عَلَيۡهِنَّۚ وَإِن كُنَّ أُوْلَٰتِ حَمۡلٖ فَأَنفِقُواْ عَلَيۡهِنَّ حَتَّىٰ يَضَعۡنَ حَمۡلَهُنَّۚ فَإِنۡ أَرۡضَعۡنَ لَكُمۡ فَـَٔاتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأۡتَمِرُواْ بَيۡنَكُم بِمَعۡرُوفٖۖ وَإِن تَعَاسَرۡتُمۡ فَسَتُرۡضِعُ لَهُۥٓ أُخۡرَىٰ} (6)

1

{ أسكنوهن من حيث سكنتم } أي بعض مكان سكناكم الذي تطيقونه . والوجد . الوسع والطاقة . قال قتادة : فإن لم يكن إلا بيت واحد أسكنها في بعض جوانبه . قال أبو حنيفة : السكنى والنفقة واجبتان لكل مطلقة . وعند الشافعي ومالك : ليس للمبتوتة إلا السكنى . وعن الحسن وحماد : لا نفقة لها ولا سكنى لما في حديث فاطمة بنت قيس أن زوجها بت طلاقها فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا سكنى لك ولا نفقة . وضعف بقول عمر : لا ندع كتاب ربنا ولا سنة نبينا لقول امرأة نسيت أو شبه لها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول لها السكنى والنفقة { ولا تضاروهن } بإنزال مسكن لا يوافقهن أو بغير ذلك من أنواع المضار حتى تضطروهن إلى الخروج وقيل : هو أن يراجعها كلما قرب انقضاء عدتها ليضيق أمرها وقد يلجئها إلى أن تفتدي منه . قوله { وإن كن أولات حمل } تخصيص للحامل بالنفقة لأجل الحمل وإن كانت بائنة . هذا عند الشافعي ، وأما عند أبي حنيفة ففائدته أن مدة الحمل ربما تطول فيظن ظان أن النفقة تسقط إذا مضى مقدار عدة الحامل فنفى ذلك الوهم ، وأما الحامل المتوفى عنها فالأكثرون على أنه لا نفقة لها لوقوع الإجماع على من أجبر الرجل على إنفاقه من امرأة أو ولد صغير لا يجب أن ينفق عليه من ماله بعد موته فكذلك الحامل . وعن علي وعبد الله وجماعة ومنهم الشافعي أنهم أوجبوا نفقتها .

ثم بين أمر الطفل قائلاً { فإن أرضعن } أي هؤلاء المطلقات { لكم } أي لأجلكم ولداً منهن أو من غيرهن بعد انفصام عرى الزوجية . وهذه الإجارة لا تجوز عند أبي حنيفة وأصحابه إذا كان الولد منهن ما لم تحصل البينونة . وجوز الشافعي مطلقاً كلما صار . ثم خاطب الآباء والأمهات جميعاً بقوله { وأتمروا } قال أهل اللغة : الائتمار بمعنى التآمر كالاشتوار بمعنى التشاور أي ليأمر بعضكم بعضاً بالجميل وهو المسامحة وأن لا يماكس الأب ولا تعاسر الأم لأنه ولدهما معاً { وإن تعاسرتم } أي أظهرتم من أنفسكم العسر والشدة في أم مؤنة الإرضاع { فسترضع } أي الطفل { له } أي للأب مرضعة { أخرى } وفيه طرف من معاتبة الأم على التعاسر كما تقول لمن تطلب منه حاجة وهو يتأنى في قضائها : سيقضيها قاضٍ . يريد لا تبقى غير مقضية وأنت ملوم .

/خ12