119 { إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ . . . }
إلا المرحومين من أتباع الرسل ، الذين آمنوا بهم وصدقوهم ، واتبعوا ما أمروا به ، وتركوا ما نهوا عنه ، وقد مدح الله أتباع محمد صلى الله عليه وسلم بقوله : { الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ . . . } . ( الأعراف : 157 ) .
لقد خلقهم الله ومنحهم العقل والاختيار والإرادة ، وأرسل وأنزل الكتب ؛ ليختار الإنسان بكسبه ، واختياره الطريق الذي يريده ، ويتحمل مسئولية اختياره ، ولهذا الاختلاف خلقهم الله ؛ ليتمايزوا ويظهر الخبيث من الطيب .
وقال تعالى : { فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلاَلَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ اللّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ } . ( الأعراف : 30 ) .
{ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ } .
أي : نفذ قضاء ربك ، وثبت حكمه ، الذي أكده وأقسم عليه بقوله : لأملأن جهنم من عصاة الجن ومن عصاة الإنس أجمعين .
شاء الله تعالى أن يختلف الناس في منازعهم ومشاربهم ؛ حتى يعمر الكون ، ولو أحب الناس اسما واحدا أو بلدا وسطا واحدا ، أو مدينة معتدلة واحدة ؛ لضاق المكان بأهله .
ومن حكمة الله أن حبب كل إنسان في عمله ومسلكه حتى يعمر الكون ولو هجر الناس جميعا الحياكة ؛ لتعرى الناس ، ولو هجروا الفلاحة ؛ لجاع الناس ، ولو هجروا البناء ؛ لجلس في العراء ، وتلك حكمة إلهية أرادها الله حتى يتم إعمار الكون ، فيكون هناك الملوك والأمراء ورجال السياسة ، ورجال القانون والاجتماع والأدب ، ورجال الحرف من زراعة وصناعة وتجارة ، وأقوام متفوقون ممتازون وآخرون دون ذلك . 82
وشاء الله أن يختار أناس الهدى ويعملون الصالحات ، ويتسابقون في عمل الخير وإتباع هدى المرسلين ؛ حتى يكونوا أهلا للجنة والرضوان ، وشاء الله أن يختار أقوام الضلال والانحراف ، وأن يؤثروا العاجلة على الآجلة ، وأن يكونوا تابعين للشيطان في اقتراف المحرمات والبعد عن الطاعات ؛ وهؤلاء أهل للنار وغضب الجبار .
قال تعالى : { لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ } . ( ص : 85 ) . وتكرر هذا المعنى في سورة الأعراف الآية 18 وسورة هود الآية 119 وهو يشير إلى عدالة الله تعالى فما أدخلهم النار ظلما ؛ ولكن ظلموا أنفسهم واتبعوا أهواءهم ، وساروا وراء الشياطين ؛ فجمع الله في جهنم أتباع إبليس من الجن والإنس ، قال تعالى : { من الجنة والناس وهم أتباع إبليس من الجن والإنس } .
وفي الصحيحين : عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( اختصمت الجنة والنار ، فقالت الجنة : مالي لا يدخلني إلا ضعفاء الناس وسقطهم ، 83 وقالت النار : أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين ، فقال الله عز وجل للجنة : أنت رحمتي أرحم بك من أشاء ، وقال للنار : أنت عذابي أنتقم بك ممن أشاء ، ولكل واحدة منكما ملؤها ، فأما الجنة فلا يزال فيها فضل حتى ينشئ الله لها خلقا يسكن فضل الجنة ، وأما النار فلا تزال تقول : هل من مزيد ، حتى يضع لها رب العزة قدمه ، فتقول : قط قط ، 84 وعزتك ! ) .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.