تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{وَقِيلَ يَـٰٓأَرۡضُ ٱبۡلَعِي مَآءَكِ وَيَٰسَمَآءُ أَقۡلِعِي وَغِيضَ ٱلۡمَآءُ وَقُضِيَ ٱلۡأَمۡرُ وَٱسۡتَوَتۡ عَلَى ٱلۡجُودِيِّۖ وَقِيلَ بُعۡدٗا لِّلۡقَوۡمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (44)

المفردات :

ابلعي : البلع : ازداد الطعام والشراب بسرعة .

وغيض الماء : غاض الماء يغيض : نقص وتسرب تحت الأرض .

واستوت على الجودى : استوت على جبل الجودي بالموصل .

التفسير :

44 { وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاء وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } .

تمثل هذه الآية ألوانا من البلاغة والبيان وبيانا لعظمة القدرة الإلهية ، ونفوذ أمر الله ؛ " فإذا جربت نفسك عن استماعها ، وجدت ألفاظها تسابق معانيها ، ومعانيها تسابق ألفاظها ، فما من لفظة في تركيب الآية ونظمها تسبق إلى أذنك ، إلا ومعناها أسبق إلى قلبك " . 40

ومعنى الآية : أراد الحق سبحانه أن يتم فضله ، بعد أن عم الطوفان ، وتم غرق الكافرين ، فأمر الأرض أن تمتص الماء الذي خرج منها ، وأمر السماء أن تكف عن المطر ، وغاض الماء وجف ، وذهب من على وجه الأرض ، وقضى الأمر ، حيث تمت إرادة الله في هلاك الكافرين المكذبين ونجاة المؤمنين .

{ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ } . واستقرت السفينة بمن فيها على جبل الجودي ، بالجزيرة شمال العراق في الموصل .

{ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } . أي : هلاكا وسحقا وطردا من رحمة الله ، للقوم الذين ظلموا أنفسهم ؛ باختيار الكفر على الإيمان ، والضلالة على الهدى .

وتفيد الآية : بأن باب الله لا يغلق في وجه داعية أخلص لله ، وأن الدعاة إلى الله تعالى يعتمدون على باب واسع ، وقدرة نافذة ، فلا يقيسوا قوتهم المادية بقوة أعدائهم ، بل عليهم أن يعلموا ما عليهم ، ثم يتركوا لله أن ينصر دينه ، وصدق الله العظيم : { إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم } . ( محمد : 7 ) .