بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَقِيلَ يَـٰٓأَرۡضُ ٱبۡلَعِي مَآءَكِ وَيَٰسَمَآءُ أَقۡلِعِي وَغِيضَ ٱلۡمَآءُ وَقُضِيَ ٱلۡأَمۡرُ وَٱسۡتَوَتۡ عَلَى ٱلۡجُودِيِّۖ وَقِيلَ بُعۡدٗا لِّلۡقَوۡمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (44)

قال ابن عباس : ركب نوح السفينة لعشر مضين من رجب ، وخرج منها يوم عاشوراء ، فذلك ستة أشهر ، فلما استقرت على الجودي ، كشف نوح الطبق الذي فيه الطير ، فبعث الغراب ليأتيه بالخبر فأبصر جيفة ، فوقع عليها فأبطأ على نوح ، فلم يأته ، ثم أرسل الحدأة على أثره ، فأبطأت عليه ، ثم أرسل بالحمامة فلم تجد موقفاً في الأرض ، فجاءت بورق الزيتون ، فعرف نوح أن الماء قد نقص ، فظهرت الأشجار ثم أرسلها فوقفت على الأرض ، فغابت رجلاها في الطين فجاءت إلى نوح ، فعرف أن الأرض قد ظهرت .

وذلك قوله : { وَقِيلَ يا أرض ابلعى مَاءكِ } معناه : انشفي ماءك الذي خرج منك { مَاءكِ ويا سماء أَقْلِعِى } يعني : احبسي وامسكي { وَغِيضَ الماء } يعني : نقص الماء ، وظهرت الجبال والأرض ، { وَقُضِىَ الأمر } يعني : فرغ من الأمر ، ومعناه : نجا من نجا وهلك من هلك { واستوت عَلَى الجودى } يعني : استقرت السفينة على الجودي . وروي في الخبر : أن الله تعالى أوحى إلى الجبال ، أني أنزل السفينة على جبل ، فتشامخت الجبال ، وتواضع الجودي لله تعالى ، فأرسيت عليه السفينة . وقال الحكيم : خرج قوس قزح بعد الطوفان أماناً لأهل الأرض أن يغرقوا جميعاً { وَقِيلَ بُعْدًا لّلْقَوْمِ الظالمين } يعني : سحقاً ونكساً للقوم الكافرين ، وهو التبعيد من رحمة الله تعالى .