تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{وَلَئِنۡ أَخَّرۡنَا عَنۡهُمُ ٱلۡعَذَابَ إِلَىٰٓ أُمَّةٖ مَّعۡدُودَةٖ لَّيَقُولُنَّ مَا يَحۡبِسُهُۥٓۗ أَلَا يَوۡمَ يَأۡتِيهِمۡ لَيۡسَ مَصۡرُوفًا عَنۡهُمۡ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِۦ يَسۡتَهۡزِءُونَ} (8)

{ وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ لَّيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلاَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِؤُونَ 8 وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ 9 وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاء بَعْدَ ضَرَّاء مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ 10 إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ11 } .

المفردات :

أمة معدودة : أي : إلى جماعة من الأوقات مقدرة ، وتطلق الأمة على : الجماعة من جنس واحد ، وقد تطلق على الدين والملة . قال تعالى : { إنا وجدنا آباءنا أمة } . ( الزخرف : 22 ) وقد تطلق على الزمن كما في قوله تعالى : { وادّكر بعد أمة } ( يوسف : 45 ) ، وهي في الآية التي معنا ، بمعنى الحين والزمان والمدة .

ليقولن ما يحبسه : أي : ليقولن ؛ استهزاء : ما يمنعه ؟

ألا يوم يأتيهم ليس مصروفا عنهم : أي : إنه لو وقع بهم فلن يدفع عنهم .

وحاق بهم : وأحاط بهم ، وضع الماضي موضع المستقبل ؛ تحقيقا ومبالغة في التهديد ، يقال : حاق به حيقا وحيوقا ، وأحاق يحيق به .

التفسير :

8 { وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ لَّيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ . . . } الآية .

كانت الرسل تبشر الناس برضوان الله تعالى إن أطاعوه ، وتحذرهم من عذاب الاستئصال في الدنيا لكن هذا الإنسان من طبيعته الجحود والكنود !

والمعنى : ولئن أخرنا بفضلنا وكرمنا عن هؤلاء المشركين العذاب إلى حين من الزمان ، على وفق سنتنا وحكمتنا . { لكل أجل كتاب } . ( الرعد : 38 ) ؛ { ليقولن } على سبيل التهكم والاستهزاء ، واستعجال العذاب : { ما يحسبه } . أي : ما الذي جعل هذا العذاب الذي حذرنا منه محمد صلى الله عليه وسلم محبوسا عنا ؟ وغير نازل بنا ؛ فأجابهم الله سبحانه وتعالى بأنه إذا جاء الوقت الذي عينه الله تعالى لنزول ذلك العذاب ؛ لم يصرفه عنهم صارف .

{ أَلاَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِؤُونَ } .

أي : ألا إن ذلك العذاب ، يوم ينزل بهم لن يدفعه عنهم دافع ؛ بل سيحيط بهم في كل جانب بسبب استهزائهم وإعراضهم عمن حذرهم ، وفي هذا المعنى يقول الله تعالى : { إن عذاب ربك لواقع * ما له من دافع } . ( الطور : 7 ، 8 ) .

وقد افتتحت جملة : { ألا يوم يأتيهم ليس مصروفا عنهم } بأداة الاستفتاح ألا للاهتمام بمضمون الخبر ، وللإشارة إلى تحقيقه ، وإدخال الروع في قلوبهم .